وفي " الصحيح " عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم - قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا؟ - ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن "١.
قوله:"وفي الصحيح " أي صحيح مسلم وخرجه أبو داود والترمذي ورواه البخاري بلفظ "خيركم".
قوله:" خير أمتي قرني "لكثرة الخير فيهم وقلة الشر، وشدة الإنكار على من خالف الحق وابتدع كالخوارج والقدرية والجهمية ونحوهم " ثم الذين يلونهم " فُضِّلوا على من بعدهم لظهور الإسلام فيهم وكثرة العلم والعلماء، وأما القرن الثالث فظهرت فيهم البدع لكن أنكرها العلماء، وتصدى كثير منهم لإنكارها والرد على من قالها وهم كثيرون.
قوله:"فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا " هذا شك من راوي الحديث عمران بن حصين، ثم ذكر ما وقع بعد الثلاثة من الجفاء في الدين وكثرة الأهواء فقال:" ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون "لاستخفافهم بأمر الشهادة، وعدم تحريهم الصدق وكذلك لقلة دينهم وضعف إسلامهم.
قوله:"ويخونون ولا يؤتمنون " يدل على أن الخيانة قد غلبت على كثير منهم أو
١ البخاري رقم (٢٦٥١) في الشهادات: باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد , ورقم (٣٦٥٠) في فضائل أصحاب النبي: باب فضائل أصحاب النبي , ورقم (٦٤٢٨) في الرقاق: باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها , ورقم (٦٦٩٥) في الأيمان والنذور: باب إثم من لا يفي بالنذر، ومسلم رقم (٢٥٣٥) في فضائل الصحابة: باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، والترمذي رقم (٢٢٢٢) في الفتن: باب ما جاء في القرن الثالث , ورقم (٢٣٠٣) في الشهادات: باب خير القرون , وأبو داود رقم (٤٦٥٧) في السنة: باب فضل أصحاب رسول الله , والنسائي ٧/١٧ و ١٨ في الأيمان والنذور: باب الوفاء بالنذر , وأحمد في " المسند" ٤/٤٢٦ و ٤٢٧ و ٤٣٦ و ٤٤٠ من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه. وفي الباب عن ابن مسعود وعمر بن الخطاب والنعمان بن بشير وبريدة الأسلمي رضي الله عنهم.