للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خيبر: " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها. فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلي الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها. فقال: " أين علي بن أبي طالب؟ " فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأتي به. فبصق في عينيه، ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال: " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من حمر النعم " ١ يدوكون: أي يخوضون.

..................................................................................................

قوله: "يحبه الله ورسوله" قال شيخ الإسلام: ليس هذا الوصف مختصا بعلي ولا بالأئمة؛ فإن الله ورسوله يحب كل مؤمن تقي يحب الله ورسوله لكن هذا الحديث من أحسن ما يحتج به على النواصب الذين لا يتولونه أو يكفرونه أو يفسقونه كالخوارج، لكن هذا الاحتجاج لا يتم على قول الرافضة الذين يجعلون النصوص الدالة على فضائل الصحابة كانت قبل ردتهم، فإن الخوارج تقول في علي مثل ذلك لكن هذا باطل، فإن الله ورسوله لا يطلق مثل هذا المدح على من يعلم الله أنه يموت كافرا. وفيه إثبات صفة المحبة لله خلافا للجهمية ومن أخذ عنهم، وفيه فضيلة أخرى لعلي رضي الله عنه بما خصه به من إعطاء الراية ودعوته أهل خيبر إلى الإسلام وقتالهم إذا لم يقبلوا، وقد جرى له رضي الله عنه في قتالهم كرامات مذكورة في السير والمغازي، وفيه مشروعية الدعوة إلى الإسلام الذي أساسه شهادة أن لا إله إلا الله؛ لقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ٢ الآية.

قوله: " فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه "قال المصنف - رحمه الله تعالى -: "فيه الإيمان بالقدر لحصولها لمن لم يسع ومنعها عمن سعى".


١ البخاري رقم (٢٩٤٢) في الجهاد: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وفي النبوة رقم (٣٠٠٩) باب فضل من أسلم على يديه رجل , ورقم (٣٧٠١) في فضائل الصحابة: باب مناقب علي ابن أبي طالب رضي الله عنه , ورقم (٤٢١٠) في المغازي: باب غزوة خيبر , ومسلم رقم (٢٤٠٦) في فضائل الصحابة: باب من فضائل علي ابن أبي طالب رضي الله عنه , وأحمد في "المسند" ٥/ ٣٣٣.
قوله: " حمر النعم " هي الإبل الحمر , وهي أنفس أموال العرب , يضربون بها المثل في نفاسة الشيء , وإنه ليس هناك أعظم منه.
٢ سورة آل عمران آية: ١٠٤.

<<  <   >  >>