في ملة الكفر، وأمرهم أن يتوكلوا عليه. وقد رواه السدي عن أشياخه، وتأوله عطية على أنه العود إلى السكوت كما كانت الرسل قبل الرسالة، وأنهم كانوا أغفالا قبل النبوة، أي: لا علم لهم بما جاءهم من عند الله. قال: وذلك عند الكفار عود في ملتهم. وهذا الذي رأيته منصوصا عن مفسري السلف، وأما من بعدهم كابن الأنباري والزجاج وابن الجوزي والثعلبي والبغوي، فهؤلاء يؤولون ذلك على معنى لتصيرن، ولتدخلن، وجعلوه بمعنى الابتداء، لا بمعنى الرجوع إلى شيء قد كان، وأنشدوا على ذلك ما اشتهر عنهم في تفاسيرهم كقول الشاعر:
فإن تكن الأيام أحسن مرة ... إليّ لقد عادت لهن ذنوب
وكقوله:
وما المرء إلا كالشهاب وضوؤه ... يحور رمادا بعد ما كان ساطعا
وقول أمية:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
وأمثال ذلك مما يدل على الابتداء.
وبعضهم أبقاه على معناه، وقال: هو التغليب، لأن قومهم كانوا في ملة الكفر، فغلب الجمع على الواحد؛ لكن تعقب ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- فقال: وأما التغليب فلا يتأتى في سورة إبراهيم ١ وأما جعلها بمعنى الابتداء، والصيرورة فالذي في الآيات الكريمة عود مقيد بالعود في ملتهم، فهو كقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: " العائد في هبته كالعائد في