[الرسالة الثانية والثلاثون: [الغلظة على الكفار ومتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها]]
وله أيضا -قدس الله روحه، ونَوَّرَ ضريحه، وتجاوز عن ذنوبه- رسالة إلى الشيخ حمد بن عتيق -رحمه الله- وقد راسله أعني: الشيخ حمد برسالة كأنه أساء فيها الأدب، ولم يراع فيها حق مَن يتزاحم العلماء عنده بالركب. بل جرى على عادته في المراسلات والمكاتبة، ولم يُمْعِن النظرَ فيما أوعز به من المخاطب، وكأنه في رسالته يحرض على التغليظ في الدعوة إلى الله من غير نظر إلى جلب المصالح ودرء المفاسد. فَبَيَّنَ له الشيخ -رحمه الله- الخلق العظيم والرأي الرشيد الحليم الذي كان لسيد المرسلين وإمام المتقين، أنه يبدأ أولا بالتلطف واللين، ثم آخرا بالغلظة؛ وذلك مع قوة الإسلام والمسلمين، وأن الغلظة ليست ديدانا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأتباعه في الدعوة إلى الله. ويا لله كم في هذه الرسالة من الأصول الأصلية والمباحث الجليلة التي تطلع منها على بلاغة مبديها، وجلالة منشيها، وأن له في الميراث النبوي الحظَّ الوافرَ، وأن ينابيع علومه تتفجر من ذلك البحر الزاخر، وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الشيخ المكرم حمد بن عتيق، سلك الله بي وبه أهدى نهج وطريق، ومنحنا بِمَنِّهِ حُسْنَ الدعوة إليه بالتحقيق. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فإني أحمد إليك الله –سبحانه- على نعمه، والخط وصل -وصلك الله بما يقربك إليه- وما أشرت إليه صار معلوما، لا سيما الإشارة الخفية والنكت الأدبية، التي منها تشبيه أخيك بالطير المُبَرْقَع، وإيراد المواعظ وأنت بمكان علو أرفع، وكنت حال وصوله قد قرأته بمرأى من أهل الأدب ومسمع، فمن قائل عند سماعه: هذا الرجل طبعه الغلظة والجمود، وآخر