[الرسالة الثالثة والسبعون: [شبهات في تحريم القهوة]]
وله أيضا قدس الله روحه ونور ضريحه جواب سؤال ورد عليه من عبد العزيز بن حسن بن مزروع، وذلك في شأن القهوة، طلب فيه من الشيخ الجواب عما أورده من السؤال، ومقصوده أن يوافقه على الحكم والجزم بالتحريم وعدم الإحلال، لما أورده بزعمه في سؤاله من استيفاء التعليل والاستدلال. وكان الأليق بالسائل طلب بيان ما هو الأرجح في شأنها من الأقوال، إذ كان للعلماء فيها كلام ومحل للنظر ومجال، لكنه في سؤاله أصل وفصل، واستدل وعلل، وانتضى لتحريمها صارما عضبا، وارتقى لذلك من الشريعة مرتقى صعبا؛ فلأجل ذلك عدل الشيخ عن ذكر أقوال العلماء هنالك، وعما هو الأعدل والأرجح في ذلك، وأخذ في إبطال ما علله، وهدم ما قعده وأصله. ثم بعد ذلك أرشده إلى ما هو اللائق بصرف الهمة إليه، من الحض على دفع ما تعطل من أصول الدين ودعائم الملة وقبض العلم وارتفاع الجهال، وترك الالتفات إلى تربية أهل الملة بتعليم ما يحتاجونه من أصول دينهم، وما جاء به نبيهم صلى الله عليه وسلم وهذا نص السؤال. قال السائل: تفهم أن مدار الشريعة على رفع المفاسد، وجلب المنافع، ومنها ما صرح به الكتاب والسنة، ومنها ما هو في ضمنه ويشهد له. وبنو آدم لهم مألوفات إذا درجوا إليها أحبوها وألفوها ولو فيها ضرر، ومن البلاوي على أهل الوقت عامة، وعلى أهل نجد خاصة في دنياهم القهوة مع ضعف معايشهم، وفي الماضي ما يستعملها إلا القليل، للبلد مجمع وبعض القرى ما يعرفها. واليوم هذا الذي ترون الغني والفقير والمرأة والصغير، ولا يحصى ما يصرف فيها من المال، ولو كان ما فيها إلا ضرر مفرد، كيف وأول مضارها في الأبدان! وإذا كان الخمر يزيل العقل شربه، فهي شاهدناها تخامر العقل عند فقدها، كذلك إضاعة المال، وفي مجالسها القيل والقال، وتحول الفقراء إلى السؤال، وتلهي كثيرا من الناس عن الصلاة، وتضيع عليهم الأوقات، هذا ولا تروي ولا تغني من جوع، ومزرعها ومخرجها من بلد كفار. وأما من ضررها على أهل الجهات فظاهر