[الرسالة الثالثة والخمسون: [إلى علماء الحرمين الشريفين]]
وله أيضا -قدس الله روحه ونور ضريحه- رسالة إلى علماء الحرمين الشريفين زادهما الله تشريفا وتعظيما إلى يوم الدين. وسبب ذلك أنه لما ورد أمر السلطان بأن يعطل الأذان في الحرمين الشريفين، وأن يكشف النساء عن وجوههن للفَجرة والفاسقين، حملته الحمية الإسلامية، والغَيرة الحنيفية والأنَفة العربية، إلى مكاتبتهم في شأن هذا الفادح العظيم، والحدثان الفظيع الذميم، ودفع مفاسد ما أراده أعداء الملة والدين، وتغيير شعائر الإسلام، وهدم معالمه العظام. واعلم أن الشيخ -رحمه الله- من أعظم الناس في الغلظة في شأن الشرك والمشركين، ومجاهدة من والاهم وركن إليهم ممن ينتسب إلى الإسلام والمسلمين، لكنه تلطف في هذه الرسالة، لعل الله أن يبطل ما قصدوه من الضلالة، وأن يمحو بذلك ما رامه أهل الغواية والجهالة. وانظر إلى ما أعطاه الله تعالى من حسن التخلص برسم التحية، لمن نكب عن الطريقة المرضية، حيث قال: بعد إهداء التحية لأنصار الملة الحنيفية، وحماة الشريعة المحمدية، ولم يعين إنسانا بعينه من العلماء المترئسين، والمتصدرين للتدريس في حرم الرسول والبلد الأمين، وبهذا يندفع توهم إرادة السهولة واللين، أو أن هذه مخالفة لما تقدم من الرسائل من الغلظة والتخشين، فرحمه الله من إمام ما أعظم غيرته لله، وما أحرصه على إعلاء كلمة الله، ولزوم كتابه وسنة رسوله! وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا، وجعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يجددون ما اندرس من أعلام الملة والدين تجديدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله