وله أيضا -قدس الله روحه-، رسالة إلى منيف بن نشاط، وقد سأله عن قول مَن يستدل على حل ذبيحة الوثني والمرتد بقوله -تعالى-: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ١ وعمن كان في سلطان المشركين، وعرف التوحيد وعمل به، ولكن ما عاداهم ولا فارق أوطانهم، فأجابه -رحمه الله تعالى- "وصب عليه من شآبيب بره" ووالى، وبين له في وجوب المسألة الثانية الفرق بين من عجز عن إظهار عداوة المشركين لأجل الخوف وأنه يعذر بذلك، وبين وجود العداوة، لأنه لا بد منها. فإن من لم توجد العداوة من قلبه لم يعاد المشركين، بخلاف الأول فإنها موجودة في قلبه، لكن عجز عن إظهارها، فالواجب عليه مفارقة أوطانهم، والبعد عنهم، فإن لم يهاجر فهو عاص لله بإقامته بين أظهر المشركين. وكذلك سأله عمن كان في دار الإسلام ولم يتعلم أصول الدين، وصار لأجل الجهل بالإسلام يعزر ويوقر أعداء الدين، فبين له في الجواب أن الناس يتفاوتون تفاوتا عظيما بحسب درجاتهم في الإيمان إذا كان أصل الإيمان موجودا، والتفريط والترك إنما هو فيما دون ذلك من الواجبات والمستحبات. فتدبر كلامه -رحمه الله- فإنه قد يتكلم في هذه المسألة من لا علم عنده ولا معرفة بمدارك الأحكام، ويظن أن من لم يعرف الواجبات والمستحبات والمسنونات من الأقوال والأفعال على التفصيل، أنه ممن أعرض عن تعلم هذا الدين، وخلع ربقة الإسلام عن عنقه، وفارق المسلمين. وهذا نص الجواب.
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ منيف بن نشاط، لا زال بين اسمه واسم أبيه ارتباط. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والخط وصل -وصلك الله لما يرضيه- تذكر حديث أبي سعيد، فقول الرسول مقبول، وعلى العين والرأس