وله أيضا -قدس الله روحه ونور ضريحه- رسالة إلى عبد الرحمن بن محمد بن جربوع، وقد راسله عبد الرحمن، وسأله عن تفصيل ما يجب على الإنسان من التوحيد وأنواعه، وما يجب فيه من المعاداة والموالاة، وعن كيفية طلب العلم للمبتدي وما يكون سببا لتحصيله؟ فأجابه –رحمه الله- على سؤاله على طريق الإيجاز والإجمال؛ إذ التفصيل يستدعي طولا؛ فبين له -رحمه الله- الأصول والقواعد، وأرشده إلى تلك المعارف والمقاصد، التي تندرج فيها كل عبادة، وينال بها من رام أسباب نجاته ما أمّله وأراده، وبين له حقيقة الموالاة والمعاداة، التي هي على العباد من أوجب الواجبات، مع أنها قد سفت عليها السوافي فانمحت آثارها، وهجم ليل الأهواء بكلاكله لما أفَلت أقمارها، فيا له من جواب ما أجزله على إيجازه واختصاره! وما أعظم فائدته لمن ألقى السمع وأصغى بقلبه وأفكاره! وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ المكرم عبد الرحمن بن محمد بن جربوع، سلمه الله تعالى، وسلك به السبيل المشروع. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فالخط وصل وصلك الله ما يرضيه، وتغتبط في خطك بنعمة الإسلام، ومعرفة التوحيد في هذا الزمان، زادك الله اغتباطا، وأوزعك شكر هذه النعم التي أنعم بها علينا وعليكم، ووفقنا للعمل الصالح الذي يرضاه، وتسأل عن تفصيل ما يجب على الإنسان من التوحيد وأنواعه، وما يجب فيه من المعاداة والموالاة، وكيفية طلب العلم للمبتدي، وما يكون سببا لتحصيله؛ فمعرفة التفاصيل تتوقف على معرفة الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. فالدين كله توحيد، لأن التوحيد إفراد الله بالعبادة وأن