[الرسالة الثانية والسبعون: [وصف رسالة من رسائل الشيخ ومدحه هو وآله]]
وله أيضا رسالة إلى زيد بن محمد آل سليمان -رحمه الله تعالى- يعاتبه فيها على ترك المساعدة وعدم المعاضدة، على إظهار دين الله والمجاهدة، بعد مراسلات بذلك عديدة، ومذاكرة ومناصحات مفيدة، وتحريض وتغليظ في سد وسائل الشرك وذرائعه، والمساعدة على قطع أسبابه وتوابعه. وكأنه -رحمه الله- وجد منه عند تلك الحوادث والكوارث فتورا، ورأى منه في حق من تجانف أو تساهل في ذلك تقصيرا أو قصورا، وقد وضح له في ذلك الحق واستبان، وكان من ذوي المعرفة والإتقان، وخاصة خلاصة الإخوان. فعاتبه بهذه المعاتبة الرصينة المباني، وأفصح له بهذه الرسالة البليغة المعاني، التي يحار في يهماء مطاوح معانيها البليغ المصقع، ويتلكأ عن درك غويص عويصها اللوذعي البلتع، فلله دره من إمام فاضل فصيح، ومجاهد جاهد محب نصيح. فلقد أبلغ في هذه الرسالة من الإيجاز وعدم الإطالة، وقد جاهد لله وفي الله حق جهاده، وما رده وصده عن النصح لعباده قلة المعاون والمساعد، ولا كثرة المكايد والمعاند؛ فتدبر -رحمك الله- ما تضمنته هذه الرسالة من الرصانة، لتعرف قدر منشئها من العلم ومكانه:
معاني مبانيها الطوامح في العلا ... لآلئ أصداف البحور الزواخر
ويحتار في يهما مطاوح ما انطوت ... عليه من الترصين قس المحاضر
وأبدى بديعا من غويص عويصه ... تشام المعاني المحكمات لسابر
لقد جد في نصر الشريعة والهدى ... وسد ينابيع الغواة الأخاسر
وإعلاء دين الله جل ثناؤه ... وتأسيس أصل الدين سامي الشعائر
وإحيائه بعد الدروس ونشره ... وقمع لمن ناواه من كل غادر
وإبعاد أعداء الهوى وجهادهم ... وتحذيره عنهم بكل الزواجر
وقد رد بل قد سد كل ذريعة ... تؤول إلى رفض الهدى من مقامر
قفا إثر آباء كرام أئمة ... أولي العلم والحلم الهداة الأكابر