قوت كان كالذرة والأرز ونحوهما. وذهب بعضهم إلى أن نصف الصاع من سمراء الشام، وهي البر (يجزي) عن صاع من غيره، وهذا القول قاله معاوية، ورآه رأيا له، وليس بمرفوع، وقد خالفه أبو سعيد الخدري، ولم يوافقه عليه، وبعض العلماء وافق معاوية على ذلك، وقليل ما هم.
[الابتداء بفاتحة الكتاب عند تلاوة القرآن]
وأما الابتداء بفاتحة الكتاب كلما أراد تلاوة القرآن، فلا أرى الإنكار على من فعل ذلك، لما ثبت في الحديث الصحيح من قصة الأنصاري الذي كان يقرأ سورة (قل هو الله أحد) في كل ركعة يكررها إذا أراد القراءة بغيرها، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" سلوه لم فعل ذلك؟ فقال: إني أحبها لأن فيها صفة الرحمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه"؛ فمن قرأ فاتحة الكتاب أو غيرها بقصد يضاهي هذا أو يشابهه فلا حرج عليه. وأما إن قرأها قبل كل قراءة معتقدا أن الله أمر بذلك أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنه فهذا يعرف بالسنة، ويخبر بها أنها إنما ابتدئت بها القراءة في الصلاة لا في سائر أحوال التلاوة.
[مخالطة أهل الشرك والبدعة لدعوتهم للإسلام]
وأما الرجل الذي يخالط أهل بلده ومحلته، ويرجو بمخالطتهم أن يجيبوه إلى الإسلام وإلى السنة، ويتركوا ما هم عليه من شرك أو بدعة أو فواحش، فهذا يلزمه خلطتهم ودعوتهم إن أمن الفتنة، لما في ذلك من المصلحة الراجحة على مصلحة الهجر والاعتزال، ورؤية المنكر إذا رجا بها إزالته وتغييره، وأمن الفتنة به، ولم يمكن تحصيل المصالح الدينية إلا بذلك؛ فلا حرج عليه بل ربما تأكد واستحب. وبلغني أن شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- كان يخرج إلى عسكر التتار لما نزلوا الشام المرة الأولى