ونقل عن بعضهم قال: للربوبية سر لو ظهر لبطلت النبوة، وللنبوة سر لو كشف لبطل العلم، وللعلم سر لو كشف لبطلت الأحكام. قلت: سر العلم قد كشف بصوفية أشقياء، فانحل النظام، وبطل لديهم الحلال والحرام. قال ابن حمد: ثم قال الغزالي: القائل بهذا إن لم يرد إبطال النبوة في حق الضعفاء، فما قال ليس بحق، فإن الصحيح لا يتناقض، وإن الكامل لا يطفئ نور معرفته نور ورعه. وقال الغزالي: العارف يتجلى له أنوار الحق، وتنكشف له العلوم المرموزة المحجوبة عن الخلق، فيعرف معنى النبوة، وجميع ماوردت به ألفاظ الشريعة التي نحن منها على ظاهرها، قال عن بعضهم: إذا رأيته في البداية قلت: صديقا، فإذا رأيته في النهاية قلت: زنديقا، ثم فسره الغزالي فقال: إذا رأيتم الزنديق لا يلصق إلا بمعطل الفرائض لا بمعطل النوافل، وقال: وذهبت الصوفية إلى العلوم الإلهامية دون التعليمية. فيجلس فارغ القلب مجموع الهم، يقول: الله الله الله على الدوام فيتفرغ قلبه، ولا يشتغل بتلاوة، ولا كتب حديث، فإذا بلغ هذا الحد التزم الخلوة ببيت مظلم، ويدثر بكسائه، فحينئذ يسمع نداء الحق:(يا أيها المزمل – يا أيها المدثر) . قلت؛ إنما سمع شيطانا أو سمع شيئا لا حقيقة له من طيش دماغه، والتوقيف في الاعتصام بالكتاب والسنة والإجماع. قال أبو بكر الطرطوشي: شحن أبو حامد كتاب الإحياء بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما على بسيط الأرض أكثر كذبا منه. شبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان الصفا، وهم قوم يرون النبوة مكتسبة، وزعموا أن المعجزات حيل ومخاريق.