الأمة، والعلم بما كانوا عليه من أصول الدين، وقواعده المهمة التي أصلها الأصيل، وَأُسُّهَا الأكبرُ الجليل: معرفة الله بصفات كماله ونعوت جلاله، وأن يوصف بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله من غير زيادة ولا تحريف، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وأن يعبدوه وحده لا شريك له، ويكفروا بما سواه من الأنداد والآلهة، هذا أصل دين الرسل كافة، وأول دعوتهم وآخرها، وَلُبُّ شعائرهم، وحقيقةُ مِلَّتِهِمْ. وفي بسط هذه الجملة من العلم به وبشرعه ودينه وصرف الوجوه إليه ما لا يتسع له هذا الموضع. وكل الدين يدور على هذا الأصل ويتفرع عنه. ومن طاف البلاد، وخَبرَ أحوال الناس منذ أزمان متطاولة عرف انحرافهم عن هذا الأصل الأصيل، وبُعْدَهُم عما جاءت به الرسل من التفريع والتأصيل. فكل بلد وكل قطر وكل جهة –فيما نعلم- فيها من الآلهة التي عُبِدَتْ مع الله بخالص العبادات وَقُصِدَتْ من دونه في الرغبات والرهبات ما هو معروف مشهور لا يمكن جحده ولا إنكاره، بل وصل بعضهم إلى أن ادعى لمعبوده مشاركة في الربوبية بالعطاء والمنع والتدبيرات، ومن أنكر ذلك عندهم فهو خَارِجِيٌّ ينكر الكرامات، وكذلك هم في باب الأسماء والصفات، ورؤساؤهم وأحبارهم مُعَطِّلة. وكذلك يدينون بالإلحاد والتحريفات، وهم يظنون أنهم من أهل التنزيل والمعرفة باللغات، ثم إذا نظرت إليهم وَسَبَرْتَهُمْ في باب فروع العبادات، رأيتهم قد شرعوا لأنفسهم شريعة لم تأت بها النبوات، هذا وصف من يدعي الإسلام منهم في سائر الجهات. وأما من كذَّب بأصل الرسالة، أو أعرض عنها ولم يرفع بذلك رأسا، فهؤلاء نوع آخر، وجنس ثان ليسوا مما جاءت به الرسل في شيء، بل هم