من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى من وصل إليه من المسلمين -وفقهم الله للبر والتقوى، وسلك بهم سبيل الرشد والهدى-. سلام عيكم ورحمة الله وبركاته. وبعدُ: فقد سبق إليكم من النصائح والتذكير بآيات الله، والحث على لزوم جماعة المسلمين ما فيه كفاية وهداية لمن أحيا الله قلبه وأراد هدايته، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" الدين النصيحة، قالها ثلاثا، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " ١. فجعل الدين محصورا في النصيحة، لأنها تتضمن أصوله وفروعه وقواعده المهمة، فيدخل الإيمان بالله ومحبته وخشيته، والخضوع له وتعظيم أمره ونهيه، وتنزيهه عما لا يليق بجلاله وعظمته من تعطيل وإلحاد وشرك وتكذيب؛ لأن النصيحة لله: خلوص الباطن والسر من الغش والريب والحقد والتكذيب، وكل ما يضاد كمال الإيمان ويعارضه. وكذلك النصيحة لكتابه تتضمن العمل بِمُحْكَمِهِ، والإيمان بمتشابهه، وتحليل حلاله وتحريم حرامه، والاعتبار بأمثاله، والوقوف عند عجائبه، ورد مسائل النزاع إليه، وترك الإلحاد في ألفاظه ومعانيه. والنصح لرسوله يقتضي الإيمان به وتصديقه ومحبته وتوقيره، وتعزيره ومتابعته، والانقياد لحكمه، والتسليم لأمره، وتقديمه على كل ما عارضه وخالفه من هوى أو بدعة أو قول، والنصح لأئمة المسلمين أمرهم بطاعة الله ورسوله، وطاعتهم في المعروف، ومعاونتهم على القيام بأمر الله، وترك مُشَاقَّتهم ومنازعتهم. والنصح لعامة المسلمين هو: تعليمهم وإرشادهم لما فيه
١ مسلم: الإيمان (٥٥) , والنسائي: البيعة (٤١٩٧ ,٤١٩٨) , وأبو داود: الأدب (٤٩٤٤) , وأحمد (٤/١٠٢) .