كل البراءة، والتباعد كل التباعد عمن تلك نحلته وذلك دينه؛ بل نفس الإيمان المطلق في الكتاب والسنة لا يجامع هذه المنكرات كما علم من تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان. وفي قصة إسلام جرير بن عبد الله أنه قال:" يا رسول الله، بايعني واشترط، فقال صلى الله عليه وسلم: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وأن تفارق المشركين " خرجه أبو عبد الرحمن النسائي، وفيه إلحاق مفارقة المشركين بأركان الإسلام ودعائمه العظام، وقد عرف من آية سورة براءة أن قصد أحد الأغراض الدنيوية ليس بعذر شرعي، بل فاعله فاسق لا يهديه الله كما هو نص الآية؛ والفسوق إذا أطلق ولم يقترن بغيره فأمره شديد، ووعيده أشد وعيد. وأي خير يبقى مع مشاهدة تلك المنكرات، والسكوت عليها وإظهار الطاعة والانقياد لأوامر من هذا دينه وتلك نحلته، والتقرب إليهم بالبشاشة والزيارة والهدايا، والتنوق في المآكل والمشارب؟ وإن زعم أن له غرضا من الأغراض الدنيوية، فذلك لا يزيده إلا مقتا، كما لا يخفى على من له أدنى ممارسة للعلوم الشرعية، واستئناس بالأصول الإسلامية؛ وقد جاء القرآن العظيم بالوعيد الشديد، والتهديد الأكيد، على مجرد ترك الهجرة، كما في آية سورة النساء١.وقد ذكر المفسرون هناك ما به الكفاية والشفاء، وتكلم عليه شيخنا محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- وأفاد وأوفى، ودعوى التقية لا تفيد مع القدرة على الهجرة؛ ولذلك لم يستثن الله إلا المستضعفين من الأصناف الثلاثة. وقد ذكر علماؤنا تحريم الإقامة