جند محضرون للقباب وعابديها. وقد عقدوا الهدنة والمؤاخاة بينهم وبين من عبد الأنبياء والمشايخ، وأوهموهم أنهم إذا أتوا بالشهادتين، واستقبلوا القبلة لا يضرهم مع ذلك شرك ولا تعطيل، وأنهم هم المسلمون، وهم خير أمة أخرجت للناس، وهم صفوف أهل الجنة؛ فاغتروا بهذا القول منهم، وغلوا في شركهم وضلالهم، حتى جعلوا لمعبوديهم التصرف والتدبير، والتأثير من دون الله رب العالمين. فهل ترى، يا ذا العقل السليم، أضل وأجهل ممن هذا شأنه، وهذه طريقه وعقيدته؟ وإن كان في هذه المظاهر الظاهرة، والرسوم الشائعة، معدودا من أهل العلم بالشرع والإسلام، فهو والله أضل من سائمة الأنعام. وأهل العلم والإيمان لا يختلفون في أن من صدر منه قول أو فعل يقتضي كفره أو شركه أو فسقه، أنه يحكم عليه بمقتضى ذلك، وإن كان ممن يقر بالشهادتين، ويأتي ببعض الأركان، وإنما يكف عن الكافر الأصلي إذا أتى بهما، ولم يتبين منه خلافهما ومناقضتهما، وهذا لا يخفى على صغار الطلبة. وقد ذكروه في المختصرات من كل مذهب، وهو في مواضع من كتاب الروض، الذي تزعم أنك تقرأه، وتدري ما فيه. ولكن الأمر كما قال -تعالى-: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} ١ الآية. بل قد ذكروا أنه من أنكر فرعا مجمعا عليه كتوريث البنت والجد أنه يكفر بذلك، ولا يكون من خير أمة أخرجت للناس، وهذا منصوص في كتب الشافعية وغيرهم، فكيف ترى يا هذا فيمن أنكر التوحيد، الذي هو حق الله على العبيد، ودان بمحض الشرك والتنديد؟ فقاتل الله الجهل، ماذا يفعل بأهله! (الثالث) : قوله –تعالى-: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ، وأصل الإيمان بالله: هو عبادته وحده لا شريك له، وقد فسره النبي –صلى الله عليه وسلم- بذلك في حديث