للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير المراد، لأن الظاهر هو اللائق بحال الموصوف وبلغة المتكلم وعرفه، لا ما يظنه الأغبياء الجهال مما لا يصح نسبته إلى الله وإلى رسوله. وكذلك قوله: أكثر ما تستعملونه من شرب القهوة ولبس المحارم بدعة، وهذا من أدلة جهله وعدم معرفته للأحكام الشرعية والمقاصد النبوية، فإن الكلام في العبادات لا في العادات، والمباحث الدينية نوع، والعادات الطبيعية نوع آخر، فما اقتضته العادة من أكل وشرب ولبس ومركب ونحو ذلك ليس الكلام فيه، والبدعة ما ليس لها أصل في الكتاب والسنة، ولم يرد بها دليل شرعي، ولم تكن من هديه –صلى الله عليه وسلم- وهدي أصحابه. وأما ما له أصل كإرث ذوي الأرحام وجمع المصحف والزيادة في حد الشارب وقتل الزنديق ونحو ذلك، فهذا -وإن لم يفعل في وقته صلى الله عليه وسلم- فقد دل عليه الدليل الشرعي، وبهذا التعريف تنحل إشكالات طالما عرضت في المقام. وأما ما فيه من جهة اللسان العربي، فإن هل لا تقابل بأم، لأن ما يقابل بأم همزة الاستفهام كما يعلم من محله، ومنها قوله: لا تثبت من الرسول، فإن الإثبات يتعدى بعن لا بمن، وكذلك قوله: ولا ممن يعتبر بهم، فإن الاعتبار نوع والاعتداد نوع آخر فيعتد بالصالحين، وأهل العلم، والاعتبار لا يختص بهم، بل لما ذكر تعالى فعل بني النضير بأنفسهم وديارهم قال: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} ١. وذكر السائل سؤالا عن الترشيح والإطلاق أيهما أبلغ؟ وكذلك الإطلاق والتجريد، فينبغي أن يسأل عن الترشيح والإطلاق والتجريد ما يراد بهن عند أهل الفن؟ فإن عبارته تفيد عدم معرفته، إذ لا مقابلة بين الترشيح والإطلاق والتجريد في الأبلغية، فسؤاله نص ظاهر في جهله، فإن الترشيح يراد به تقوية الشبه بين المشبه والمشبه به بأن يذكر


١ سورة الحشر آية: ٢.

<<  <   >  >>