جزم فيما كتبه على المنتقى برد قول الماوردي بجواز الإقامة بدار الشرك، وفضيلة ذلك لمن أظهر دينه ورجا إسلام غيره. قال: وهذا القول معارض لعموم النص فلا يسلم ولا يلتفت إليه، مع أن الذي كتبناه في هذه المسألة موافق للمشهور عند المتأخرين لم نخرج عنه كما تقدم ذكره، والقصد أن المسألة من أصلها فيها بحث قوي ومجال للنظر فإن بقي عليك فراجعني، وإياك والسكوت على ريبة. وقد رأيت بخط الوالد -قدس الله روحه- ما نصه:
شمر إلى طلب العلوم ذيولا ... وانهض لذلك بكرة وأصيلا
وصل السؤال وكن هديت مباحثا ... فالعيب عندي أن تكون جهولا
(مسألة الكفار ما يستعينون به على المسلمين)
وأما مسألة المبايعة فلم يسألني عنها أحد، ولم يتقدم لي فيها كلام. وقد بسط شيخ الإسلام الكلام على مبايعة أهل الذمة، ومنع من يبيع ما يستعينون به على كفرهم وأعيادهم. وأما الكافر الحربي فلا يمكن مما يعينه على حرب أهل الإسلام ولو بالميرة والمال ونحوه والدواب والرواحل؛ حتى قال بعضهم بتحريق ما لا يتمكن المسلمون من نقله في دار الحرب من أثاثهم وأمتعتهم، ومنعهم من الانتفاع به فكيف بيعهم وإعانتهم على أهل الإسلام؟ فإن انضاف إلى ذلك ما هو الواقع من المسافرين في هذا الزمان مما تقدم ذكره فالأمر أغلظ وأفحش، وذلك فرد من وراء الجمع. وأكثر الناس يخفى عليه أن المرتد من أهل تلك الديار التي استولى عليها الكافر الحربي أغلظ كفرا، وأعظم جرما بجميع ما تقدم من الأحكام، ولذلك تجد لهم عند القادمين إليهم من المباسطة والمؤانسة والإكرام ما هو