للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتخاوص له١ طرفك، ويتردد معه نفسك، ويكثر عنده حلك وترحالك، ويتلون به رأيك وحقالك؟ ولم تبح به لإخوانك ونصحائك، وخاصتك وأعوانك، ولم تنبذ إليهم على سوى، ولم تملك ما تجده من الغيظ والجوى، أعجمة بعد إفصاح؟ أتلبس بعد إيضاح؟ أدين غير دين الله؟ أخلق غير خلق الله؟ أهدي غير هدي محمد؟ أمثلك يمشي لإخوته الضراء، وتدب إليهم منه الحمراء؟ أمثلك يضيق به الفضاء، وتنكسف في عينيه القمراء؟ ما هذا القعقعة بالشنان؟ وما هذه الوعوعة باللسان؟

[وصف حال آل الشيخ في زمن الفتنة]

أما أنك عارف٢ بأن الرأي الذي امتطينا صهوته، وركبنا غاربه، هو الرأي الأسد، والمنهج الأسعد، بكل دليل ورد، ممن لا يحيط به الحزر والعدد، مع أننا في زمن ووقت أنت منه في كن العافية وظلها غافلا عما نحن فيه لا تدري ٣ ما يراد بنا ويشاد، ولا تحصل على علم ما يساق منا ويقاد، نعاني أحوالا تزيل الرواسي، ونقاسي أهوالا تشيب النواصي، خائضين غمارها، راكبين تيارها، نتجرع من صلبها، ونكرع في عبابها، ونحكم مراسها، ونبرم أمراسها، والعيون تحدج إلينا بالحسد، والأنوف تعطس بالكبر، والصدور تستعر بالغيظ، والأعناق تتطاول بالفخر، والشفار تشحذ


١ في الرواية: ويتخاوص دونه، ومعنى تخاوص: غض من بصره، وحدق نظره إلى الشيء كمن يقوّم سهما أو ينظر إلى الشمس. وفي الرواية هنا: ويسري فيه ظعنك، ويتردد معه نفسك، وتكثر معه صعداؤك. وليس فيها: ويكثر معه حلك، وترحالك، فهذا وما بعده إلى قوله: الغيظ والجوى من كلام الشيخ عبد اللطيف -رحمه الله تعالى-.
٢ قوله: أما أنك عارف –الرواية جد عارف- وما بعده إلى قوله: غافلا عما نحن فيه. أخذه الشيخ من الكلام المعزو إلى الصدِّيق -رضي الله عنه- بالمعنى دون اللفظ، فهو هنالك في الإيمان والهجرة.
٣ قوله: لا تدري إلخ. أصله: لا تعي. وما بعده أخذ بلفظه مع حذف بعض الجمل وتقديم بعضها وتأخير بعض.

<<  <   >  >>