وحسبنا السير على منهاجهم واقتفاء آثارهم، وذكر المنقور في مجموعة طرفا من ذلك والمجموع عند ابن مانع. وما ذكرت من أن مدار الشريعة على رفع المفاسد وجلب المنافع، فنعم هو ذاك، ولكن ينبغي أن يعلم أن المفاسد ما عارضت الأمر والنهي الشرعيين بالفعل أو بالوسيلة، والمنافع المطلوبة ما يحصل بها مقصود الشارع من الأمر والنهي بالفعل أو بالوسيلة، وبهذا تعلم فساد التعبير بقولك رفع المفاسد، فإن هذا لا يرتفع، فالصواب دفع المفاسد لا رفع المفاسد. وقولك: منها ما صرح به الكتاب والسنة، ومنها ما هو في ضمنه، تقسيم فاسد بل الكتاب والسنة صرحا بذلك وأوضحاه قال تعالى:{وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} ١ ولم يخرج فرد من ذلك: ولو قلت فقد صرح بذلك الكتاب والسنة أو تضمناه، لصح التعبير. وقولك: ومن البلاوي على أهل الوقت عامة وعلى أهل نجد خاصة في دنياهم القهوة مع ضعف معايشهم، فلا أدري ما يراد بالبلوى هنا؟ أهي الابتلاء في الدين أو هي الابتلاء بالنفقة فقط؟ فإن كان الأول، فلا يسلم بمجرد الدعوى، وإن كان الثاني، فالناس درجات وطبقات في اليسر والعسر والمعيشة، وتوسع الأغنياء إنما يذم لوجوه لا تختص بالقهوة أيضا، بل يجري في غير ذلك من سائر المباحات. وأما التعليل بأن فيها مضارا للأبدان، فلا ينبغي أن يؤخذ على إطلاقه، فإن الأبدان الدموية والبلغمية تنتفع بها بلا نزاع، والسوداوي والصفراوي يمكنه التعديل بالتمر الذي هو غالب غذاء أهل نجد، وقال داود في "تذكرته": يعد لها كل حلو.