للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاجتماع على القيل والقال، والحاجة إلى السؤال، وليس ذلك الوصف لازما للقهوة، وكذلك كونها تلهي كثيرا من الناس عن الصلاة، وتضيع عليه الأوقات، فهذا قد يجري لأهل الشهوات والمبايعات والمزاورات قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} ١ الآية. وأما كونها لا تغني من جوع ولا تروي، فهذا الوصف يأتي على كثير مما يتعاطونه من المباحات، ولم تأت الشريعة بتحريم ما لا يغني من جوع ولا يروي: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} ٢. وأما كون مزرعها من بلاد الكفار، فمتى كان عندكم امتناع عما زرعه الكفار ونسجه الكفار وخرج من بلاد الكفار، وجمهور أموالكم ومآكلكم من هذا الضرب؟ "ثكلتك أمك يا معاذ" ٣ و "ويح عمار" ٤ قد كانت المدينة في عهد النبوة يجلب إليها من بلاد الكفار أنواع المآكل والأدهان والملابس التي نسجت وصبغت ببلاد الكفار، كما لا يخفى على من له أدنى نظر في الأخبار. وأما ما زعمت من ضررها على أهل الجهاد، فمن الظرائف التي لا يستظرفها إلا فقيه النفس ذكي الطبع، وربما قيل بعكس القضية، لما فيها من تنشيف البلغم وتخفيف المواد المكسلة الردية. وأما قولك: ويصرف فيها من بيت المال كيت وكيت، فمتى كان النظر -أصلحك الله- منصرفا إلى توفير هذه الجهة ووضعها في مواضعها الشرعية؟ والصرف في المباح أولى من الصرف في المحرم الصرف. وأما اختلاف أهل العلم عند خروجها –ولو قيل عند حدوثها لكان أليق باللغة الشرعية–فنعم هو ذاك، ولكن لا دليل فيه على المنع، وقد قيل:


١ سورة المنافقون آية: ٩.
٢ سورة مريم آية: ٦٤.
٣ الترمذي: الإيمان (٢٦١٦) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٧٣) , وأحمد (٥/٢٣١ ,٥/٢٣٧) .
٤ البخاري: الصلاة (٤٤٧) , ومسلم: الفتن وأشراط الساعة (٢٩١٥) , وأحمد (٣/٥ ,٣/٩٠) .

<<  <   >  >>