يستطع فباللسان، ومن لم يستطع فبالقلب؛ وهذا نص الحديث النبوي فلا يجوز العدول عنه وإساءة الظن بأهل العلم، بل يحمل كلامهم على ما وافقه. والمصرّ المكابر لا ينتهي إلا إذا غير فعله بالأدب، أو الحبس، وهو داخل في عموم الحديث. وقد شاهدنا من الوالد -رحمه الله- تعنيف هذا الجنس وذمهم، وذكر حكم الله ورسوله في تحريم مخالطة المشركين مع عدم التمكن من إظهار الدين. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن التعزيرات تفعل بحسب المصلحة، وليس لها حد محدود، بل بحسب ما يزيل المفسدة ويوجب المصلحة، وذكر قتل شارب الخمر في الرابعة وأنه من هذا الباب، وأشار إلى ذلك في اختياراته. وكذلك غيره من المحققين ذكروا أن التعزير على الكبائر والمحرمات غير مقدر، بل بحسب المصلحة؛ وهذه قواعد كلية تدخل فيها تلك القضية الجزئية. وقول الشيخ: والمعصية إذا وجدت أنكرت على من فعلها ورضيها، ليس فيه أن الإنكار بمجرد القول، بل هو بحسب المراتب الثلاث المذكورة في الحديث، وإلا لخالف نص الحديث، بل يتعين حمل كلام الشيخ عليه لموافقة الحديث النبوي لا على ما خالفه، وأسقط من الإنكار ركنه الأعظم. ومن شم رائحة العلم لم يعرض هذه الفتوى لأهل هذه القبائح الشنيعة، ويجعلها وسيلة إلى مخالفة واجبات الشريعة؛ ومثل هذا الذي أظهر الفتوى يجعله بعض المنتسبين منفاخا ينفخ به ما يستتر من إظهاره وإشاعته. والواجب على مثلك النظر في أصول الشريعة ومعرفة مقادير المصالح والمفاسد، وتأمل قوله – تعالى-: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً} ١ الآية، وانظر ما ذكره المفسرون حتى أدخل بعضهم لياقة الدواة وبري القلم في الركون. وذلك لأن ذنب الشرك أعظم ذنب عصي الله به على اختلاف رتبه،