جاحدا، ولا يقبل في نقل الأقوال والأحكام إلا العدول الثقاة الضابطون من الأنام، ومن استصحب هذا استراح عن البحث فيما ينقل إليه ويسمع، ولم يلتفت إلى أكثر ما يختلف فيه ويصنع، وكان من أمره على منهاج واضح ومشرع.
[ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب]
فصل:
[نسبه]
فأما نسب هذا الشيخ، فهو الإمام العلم القدوة البارع محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف.
[مولده]
ولد -رحمه الله- سنة خمس عشرة بعد المائة والألف من الهجرة في بلد العيينة من أرض نجد، ونشأ بها وقرأ القرآن بها حتى حفظه وأتقنه قبل بلوغه العشر، وكان حاد الفهم سريع الإدراك والحفظ، يتعجب أهله من فطنته وذكائه.
[طلبه للعلم]
وبعد حفظ القرآن اشتغل بالعلم وجد في الطلب، وأدرك بعض الأرب قبل رحلته لطلب العلم. وكان سريع الكتابة ربما كتب الكراسة في المجلس؛ قال أخوه سليمان: كان والده يتعجب من فهمه، ويعترف بالاستفادة منه مع صغر سنه. ووالده هو مفتي تلك البلاد، وجده مفتي البلاد النجدية، آثاره وتصنيفه وفتاواه تدل على علمه وفقهه، وكان جده إليه المرجع في الفقه والفتوى، وكان معاصرا للشيخ منصور البهوتي الحنبلي خادم المذهب اجتمع به بمكة. وبعد بلوغ الشيخ سن الاحتلام، قدمه والده في الصلاة ورآه أهلا للائتمام، ثم طلب الحج إلى بيت الله الحرام، فأجابه والده إلى ذاك المقصد والمرام، وبادر إلى قضاء فريضة