الطواغيت أو شيئا من كرامات الصالحين الذين كانوا يدعونهم، ويستغيثون بهم ويلجؤون إليهم في الملمات والمهمات، فكان ينهى عن ذلك ويزجر، ويورد الأدلة من الكتاب والسنة ويحذر، ويخبر أن محبة الأولياء والصالحين إنما هي متابعتهم فيما كانوا عليه من الهدى والدين، وتكثير أجورهم بمتابعتهم على ما جاء به سيد المرسلين؛ وأما دعوى المحبة والمودة، مع المخالفة في السنة والطريقة، فهي دعوى باطلة مردودة، غير مسلمة عند أهل النظر والحقيقة، ولم يزل على ذلك -رحمه الله-. ثم رجع إلى وطنه، فوجد والده قد انتقل إلى بلده حريملا، فاستقر معه فيها، يدعو إلى السنة المحمدية ويبديها، ويناصح من خرج عنها ويفشيها، حتى رفع الله شأنه ورفع ذكره، ووضع له القبول، وشهد له بالفضل ذووه من أهل المعقول والمنقول. وصنف كتابه المشهور في التوحيد، وأعلن بالدعوة إلى الله العزيز الحميد؛ وقرأ عليه هذا الكتاب المفيد، وسمعه كثير ممن لديه من طالب ومستفيد. وشاعت نسخه في البلاد، وطار ذكره في الغور والأنجاد، وفاز بصحبته واستفاد، من جرد القصد وسلم من الأشر والبغي والفساد. وكثر بحمد الله محبوه وجنده، وصار معه عصابة من فحول الرجال، وأهل السمت الحسن والكمال، يسلكون معه الطريق، ويجاهدون كل فاسق وزنديق.
[حال بلاد نجد وغيرها عند ظهور الشيخ]
فصل: كان أهل عصره ومصره في تلك الأزمان قد اشتدت غربة الإسلام بينهم، وعفت آثار الدين لديهم، وانهدمت قواعد الملة الحنيفية، وغلب