للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العهد بالإسلام والتابع لهم المحسن الظن بهم أو غيره يطلب من الشيخ الميت إما دفع ظلم ملك يريد أن يظلمه، أو غير ذلك، فيدخل ذلك السادن، فيقول قد قلت للشيخ، والشيخ يقول للنبي، والنبي يقول لله، والله قد بعث رسولا إلى السلطان فلان؛ فهل هذا إلا محض دين المشركين والنصارى؟ وفيه من الكذب والجهل ما يستجيزه كل مشرك أو نصراني ولا يروج عليه، ويأكلون من النذور والمنذور ما يؤتى به إلى قبورهم ما يدخلون به في معنى قوله تعالى: {إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} ١، يعرضون بأنفسهم ويمنعون غيرهم؛ إذ التابع لهم يعتقد أن هذا هو سبيل الله ودينه؛ فيمتنع بسبب ذلك من الدخول في دين الحق الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، والله سبحانه لم يذكر في كتابه المشاهد، بل ذكر المساجد، وأنها خالصة لوجهه، قال تعالى: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} ٢، وقال {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} ٣، وقال: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} ٤، وقال تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} ٥، ولم يذكر بيوت الشرك كبيوت النيران والأصنام والمشاهد؛ لأن الصوامع والبيع لأهل الكتاب. فالممدوح من ذلك ما كان مبنيا قبل النسخ والتبديل، يؤمنون بالله واليوم الآخر ويعملون الصالحات، فبيوت الأوثان وبيوت النيران وبيوت الكواكب وبيوت المقابر لم يمدح الله شيئا منها، ولم يذكر ذلك إلا في قصة من لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدا ً} ٦، فهؤلاء الذين اتخذوا مسجدا على أهل الكهف كانوا من النصارى


١ سورة التوبة آية: ٣٤.
٢ سورة الأعراف آية: ٢٩.
٣ سورة التوبة آية: ١٨.
٤ سورة النور آية: ٣٦.
٥ سورة الحج آية: ٤٠.
٦ سورة الكهف آية: ٢١.

<<  <   >  >>