للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرك وقتلهم بعد الاستتابة وإقامة الحجة عليهم، وأن من غلا في نبي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعا من الآلهية فقد اتخذه إلها مع الله، لأن الإله هو المألوه الذي يألهه القلب أي: يقصده بالعبادة والدعوة والخشية والإجلال والتعظيم، وإن زعم أنه لا يريد إلا الشفاعة والتقرب عند الله، لأنه بين أن هذا مطلوب المشركين الأولين، فاستدل على ذلك بالآيات الصريحات القاطعات. والله أعلم.

الإهلال لغير الله

وقال -رحمه الله- في الكلام على قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} ١: ظاهره أن ما ذبح لغير الله سواء لفظ به أو لم يلفظ، وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه للحم، وقال فيه: باسم المسيح، ونحوه. كما أن ما ذبحناه متقربين به إلى الله تعالى كان أزكى مما ذبحناه للحم، وقلنا عليه: باسم الله، فإن عبادة الله بالصلاة والنسك له أعظم من الاستغاثة باسمه في فواتح الأمور. والعبادة لغير الله أعظم كفرا من الاستغاثة بغير الله، فلو ذبح لغير الله متقربا إليه لحرم، وإن قال فيه باسم الله، كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة، وإن كان هؤلاء لا تباح ذبيحتهم بحال، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان، ومن هذا ما يفعل بمكة وغيرها من الذبح للجن. انتهى كلام الشيخ -رحمه الله-. فتأمل -رحمك الله- هذا الكلام وتصريحه فيه بأن من ذبح لغير الله من هذه الأمة، فهو كافر مرتد لا تباح ذبيحته، لأنه يجتمع فيها مانعان: الأول: أنها ذبيحة مرتد، وذبيحة المرتد لا تباح بالإجماع، الثاني: أنها مما أهل به لغير الله، وقد حرم الله ذلك في قوله: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} ٢. وتأمل قوله: ومن هذا ما يفعل بمكة وغيرها من الذبح للجن. والله أعلم.


١ سورة المائدة آية: ٣.
٢ سورة الأنعام آية: ١٤٥.

<<  <   >  >>