الجهلة والغوغاء، إنما الخطاب معكم معاشر القضاة والمَفَاتِي، والمتصدين لإفادة الناس وحماية الشريعة المحمدية، وبهذا ثبتت بيعته وانعقدت؛ وصار من ينتظر غائبا لا يحصل به المصالح فيه شبه ممن يقول بوجوب طاعة المنتظر، وأنه لا إمامة إلا به. ثم إن حمولة آل سعود صارت بينهم شحناء وعداوة، والكل يرى له الأولوية بالولاية، وصرنا نتوقع كل يوم فتنة، وكل ساعة محنة، فلطف الله بنا، وخرج ابن جلوي من البلدة، وقتل ابن صنيتان، وصار لي إقدام على محاولة عبد الرحمن في الصلح، وترك الولاية لأخيه عبد الله؛ فلم آل جهدي في تحصيل ذلك والمشورة عليه، مع إني قد أكثرتُ في ذلك حين ولايته. ولم أزل أكرر عليه في ذلك يوما فيوما حتى يسر الله قبل قدوم عبد الله بنحو أربعة أيام أنه وافق على تقديم عبد الله وعزل نفسه، ورأى الحق له وأنه أولى منه لكبر سنه وقدم إمامته. فلما نزل الإمام عبد الله بساحتنا اجتهدتُ إلى أن محمد بن فيصل يظهر إلى أخيه ويأتي بأمان لعبد الرحمن وذويه وأهل البلد، وسعيت في فتح الباب واجتهدت في ذلك، ومع ذلك كله فلما خرجت للسلام عليه وإذا أهل الفرع وجهلة البوادي، ومن معهم من المنافقين يستأذنونه في نهب نخيلنا وأموالنا، ورأيت معه بعض التغير والعبوس. ومن عامل الله ما فقد شيئا، ومن ضيع الله ما وجد شيئا. ولكنه بعد ذلك أظهر الكرامة ولين الجانب، وزعم أن الناس قالوا ونقلوا – وبئس مطية الرجل زعموا – وتحقق عندي دعواه التوبة، وأظهر لديَّ الاستغفار والتوبة والندم، وبايعته على كتاب الله وسنة رسوله. هذا مختصر القضية، ولولا أنكم من طلبة العلم والممارسين الذين يكتفون