علوا كبيرا، ثم نزل فذبحه، والجهم قُتِلَ أيضا لَمَّا ظهرتْ مقالته.
[قول العلماء في الجهمية والرد عليهم]
ثم لما كان في زمن الخليفة المأمون العباسي ظهرتْ في الناس تلك المقالات بواسطة بعض الوزراء والأمراء، وكثُر الخوضُ فصاح بهم أهل الإسلام من كل ناحية وبَدَّعُوهُمْ وفَسَّقُوهُمْ، وكَفَّرُوهم. قال ابن المبارك، الإمام الجليل من أكابر أهل السنة: مَن لم يعرف أن الله فوق عرشه بائن من خلقه فهو كافر يُسْتَتَاب، فإن تاب وإلا قتل، ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا مقابر أهل الذمة لئلا يتأذى به أهل الذمة من اليهود والنصارى. وقال الفضيل بن عياض، ويوسف بن أسباط: الجهمية ليست من الثلاث والسبعين فرقة التي افترقت إليها هذه الأمةُ، يعني أنهم لا يدخلون في أهل القبلة. وقد صُنِّفَت التصانيفُ وجُمِعَتْ النصوصُ والآثارُ في الرد عليهم وتكفيرهم، وأنهم خالفوا المعقول والمنقول، وأن قولهم يؤول إلى أنهم لا يُثْبِتُونَ رَبًا يُعْبَد، ولا إلها يُصلى له ويسجد، وإنما هو تعطيل محض، ولذلك كفروهم. قال ابن القيم في الكافية الشافية:
ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدان
يعني أن خمسمائة عالم، أئمةٌ مشاهيرٌ جزموا بكفرهم ونصوا عليه، وحُجَجُهُم وشُبَهاتهم واهيةٌ داحضةٌ لا تروج على مَن شَمَّ رائحة الإسلام، قال بعض العلماء: أهل البدع لهم نصوص يُدْلُون بها، قد اشتبه عليهم معناها ولم يهتدوا فيها، إلا الجهمية فليس معهم شيء مما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب انتهى. والقرآن والسنة كلّها رَدَّ عليهم، قال بعض أصحاب الإمام الشافعي -رحمه الله-: في القرآن ألف دليل على علو الله على خلقه، وأنه فوق العرش، وذكر ابن القيم طرفا صالحا في نونيته من ذلك، وأما نصوص السنة وكلام