إلى علم الإسناد، لأن سيرته صلى الله عليه وسلم بجميع أحداثها تطبيق عملي للإسلام وقد قال تعالى لنبيه:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} ، [سورة الأنعام، الآيتان: ١٦٢ - ١٦٣] .
فحياته صلى الله عليه وسلم لله يعني أن ذلك عمل بأوامر الله، وبه صرحت الآية {وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ} فكانت العناية بسيرته صلى الله عليه وسلم عناية بشريعته، بل بالجانب العملي التطبيقي لهذه الشريعة.
ومن العجائب أن نجد عناية فائقة بحديثه صلى الله عليه وسلم من علماء خصصوا أنفسهم لذلك، ولا نجد تلك العناية بسيرته صلى الله عليه وسلم، وتنقيتها من الشوائب، على أن علم الحديث يشتمل على جزء كبير من سيرته صلى الله عليه وسلم، غير أنه لا يشتمل على جميع السيرة، فكان جديراً بالجامعات الإسلامية أن تفرد علم السِّير والمغازي بأهمية خاصة تتمثل في البحوث التخصصية التي تعنى بتصفية السيرة النبوية مما علق بها من تحريف وزيادة، أو كذب وافتراء، كما تعني بتحليل هذه السيرة بأسلوب علمي يتناسب مع لغة المثقف المعاصر، ليتسنى له قراءتها والتأسي بها، وهي حاجة إسلامية ملحة في الوقت الحاضر أكثر من أي وقت مضى.
غير أن تلبية هذه الحاجة تحتاج إلى جهود علمية موفقة على مستوى عال، ودراسة جادة تعنى بالجانب العلمي والجانب التحليلي ليتيسر للقارئ الإستفادة من هذه السيرة الطاهرة العامرة بكل خير وفضيلة.
الدافع لي على الكتابة في السيرة:
يمكن أن ألخص الأسباب التي حفزتني للكتابة في السيرة فيما يلي:
أولا: أن السيرة النبوية الشريفة، هي الميدان العملي الذي طبقت فيه شريعة الإسلام، فالكتابة فيها تكتسب منهجاً تطبيقياً وعملياً أبعد ما يكون عن الفروض والنظريات الجافة.