للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: وقد سبق الجميع - إلى هذا القول - الواقدي: فقد صرح في مغازيه بقوله: حدثني يعقوب١ بن يحيى بن عباد، عن عيسى٢ بن معمر بن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعائشة رضي الله عنها، حدثينا يا أمه حديثك في غزوة المريسيع الحديث الطويل، وفيه "أن العقد سقط من عائشة مرتين في تلك الغزوة في المرة الألى كانت رخصة التيمم، وفي الثانية كانت قصة الإفك"٣.

قلت: رواية الواقدي لا تنهض لفصل النِّزاع، لأن الواقدي ضعيف في الحديث، ولوجود يعقوب بن يحيى، وعيسى بن معمر في السند، وأحدهما وصف بأنه مجهول الحال، والآخر لين، ولا متابع لهما.

وبهذا يكون الحديث ضعيفا بهذا الإسناد.

وأما ابن سعد فقد ذكر ذلك في (طبقاته) بدون إسناد٤، ويحتمل أن يكون عمدته في ذلك هي رواية الواقدي هذه، إذ هو شيخه ومعروف بملازمته له، حتى عرف بكاتب الواقدي، وعلى هذا نكون قد رجعنا إلى حديث الواقدي نفسه، وهو حديث ضعيف كما عرفت، والأحاديث الصحيحة في قصة الإفك مع كثرتها وتضافرها لم تشر أدنى إشارة إلى أن العقد سقط من عائشة مرتين في غزوة المريسيع، ولو وجد ذلك لما حصل الخلاف.

وأما ابن حبان فقد ذكر ذلك في ثقاته غير أنه فرق بين غزوة المريسيع، وغزوة بني المصطلق.

فجعل غزوة المريسيع في شهر شعبان من السنة الخامسة للهجرة سابقة على غزوة الخندق، وذكر فيها وقوع جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار في الأسر وزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، كما ذكر فيها قصة التيمم مقتصرا


١ يعقوب بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي، المدني مجهول الحال، من السادسة /ق. التقريب ٢/٣٧٧ وتهذيب التهذيب ١١/٣٩٨.
٢ عيسى بن معمر حجازي، لين الحديث، من السادسة / د. التقريب ٢/١٠٢.
٣ مغازي الواقدي ٢/٤٢٦.
٤ طبقات ابن سعد ٢/٦٥.

<<  <   >  >>