يكون بعيداً عنها، وعن أيّ مسؤولية، وتفرّغ للعلم وللعلم وحده. وقد عُرضت عليه المشاركة في كل حكومة شكلت بعد عام ١٩٦٤ م ولكنه كان يعتذر باستمرار.
وفي ١٧ من تموز ١٩٦٨ م عُيِّن وزيراً للمواصلات، وكان يومها في مصر، يعمل رئيساً للجنة توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية التي أعدّت المعجمات العسكرية الأربعة الموحِّدة، فاعتذر عن قبول هذا المنصب، وآثر العمل في المجالات العلميّة، على العمل في المناصب الحكومية، وبقي في القاهرة، حتى أخرج المعجمات آنفة الذكر، وكان هو الذي اقترح توحيد هذه المصطلحات، وهو الذي وضعها في حيّز التنفيذ.
ومن طريف ما حدّثني به، أن أخاه المستشار في محكمة النقض ذهب إلى قيادة الجيش ليأخذ راتب أخيه، ويرسله إليه، فأجابوه:
أخوك لم يعد في الجيش، صار وزيراً، فراجع الوزارة ..
وذهب المستشار إلى الوزارة ليقبض الراتب، فقيل له:
أخوك اللواء اعتذر عن قبول الوزارة، وهو من ملاك الجيش، فاذهب إلى هناك.
وهكذا ضاع اللواء محمود بين الجيش والوزارة، وهو في مصر، ولا يملك إلا راتبه لينفق منه، ولولا أصدقاؤه الكرام في مصر، من أمثال: الشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ عبد الحليم محمود، وسواهما، لجاع هو وأسرته في القاهرة.
وعندما عاد من مصر إلى بغداد عام ١٩٧٣ م عرض عليه صديقه أحمد حسن البكر رئيس الجمهورية، عدة مناصب حكومية رفيعة، ولكنه اعتذر عن قبولها، وتفرّغ كلياً لبحوثه ودراساته ومحاضراته في المعاهد والمدارس والكليات العسكرية العربية.