وغزّة، وبيت جبرين، والنطرون. وقد تمَّ كلُّ هذا الزَّحف والفتح في أقلَّ من شهر.
كان هدف صلاح الدِّين تحرير القدس، وسحق المملكة الصليبيّة، وإعادة الصلة المباشرة بين مصر وبلاد الشام إلى ما كانت عليه قبل الغزو الصَّليبيّ. وقد استثمر نصره العظيم في (حطّين) فعزل بيت المقدس من الشّمال، ومن المناطق المجاورة لها، ليحرم الصليبيين من الإمداد البريّ، وحتى لا يستفيدوا من الإمداد البحريّ، استعاد الموانئ البحرية، بحيث لم يبق للصليبيين إلا الاعتماد على مواردهم القتالية الذاتية. وبهذا التطويق البريّ والبحريّ، وبفعل معركة حطّين، كانت معنويات الصليبيين منهارة في الحضيض، حتى إنهم كانوا يتوقّعون استسلام المدينة المقدَّسة بين لحظة وأخرى.
وعندما تحرّك صلاح الدين يوم الجمعة في العشرين من رجب سنة ٥٨٣ هـ/ ٢٠ من أيلول ١١٨٧ م إلى الجانب الشمالي من المدينة المقدسة، ونصب عليه المجانيق، وضايقه بالزحف والقتال وكثرة الرماة، حتى تمكّن من إحداث ثغرة في السور - شعر الصليبيون بخطورة الموقف، فبعثوا وفداً منهم إلى صلاح الدين، يطلب الأمان، ووافق صلاح الدين على منحهم الأمان، على أن يسلّم الإفرنج المدينة المقدسة.
ودخل المسلمون بيت المقدس في يوم الجمعة، السابع والعشرين من رجب سنة ٥٨٣ هـ/ الثاني من تشرين الأول سنة ١١٨٧ م ليلة الإسراء والمعراج، بعد احتلال دام زهاء تسعين سنة.
وتحدّث المؤلف عن حصيلة جهاد صلاح الدين وجهده التي دوَّخ بها الصليبيين، وهي تدل على قيادته الفذّة، وجهاده العظيم، فإذا أضفنا إليها توحيده مصر والشام وجزيرة ابن عمر، يكون صلاح الدين من أعظم