قال المصنف رحمه الله تعالى: [والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، كما جاء في الخبر:(أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً)(من ترك الصلاة فقد كفر)، وليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة، من تركها فهو كافر، وقد أحل الله قتله].
مسألة الإيمان من المسائل التي تكلم فيها أهل السنة مع المرجئة وغيرهم.
فقال أهل السنة: إن الإيمان قول وعمل، وإنه تدخل فيه العقائد، وتدخل فيه الأقوال والأعمال، فهو قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح، فالأقوال -الأذكار ونحوها- تكون من الإيمان، والعقائد وأذكار القلب تكون من الإيمان، والأعمال البدنية داخلة في مسمى الإيمان، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) فكلمة: (لا إله إلا الله) من الإيمان، وهي قول باللسان، وإماطة الأذى من الطريق من الإيمان، وهي عمل بالبدن، والحياء من الإيمان، وهو عمل قلبي، وكذلك بقية شعب الإيمان.
كذلك أيضاً نقول: إن من الإيمان جميع الأعمال التي هي قربة، والإيمان يزيد بها وينقص بالمعاصي، فالإيمان عند أهل السنة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وقد أخبر الله بأنه يزيد في قوله تعالى:{لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}[الفتح:٤]، وقوله جل وعلا:{فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[التوبة:١٢٤]، وقوله سبحانه:{فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}[آل عمران:١٧٣] ونحو ذلك، وكل شيء قبل الزيادة فهو قابل للنقصان، فالإنسان إذا ذكر الله وحمده وشكره زاد إيمانه وإذا تكلم بسوء أو سباب أو شتم أو معصية نقص إيمانه، وهكذا.
ومن الأعمال التي هي من جملة الإيمان: الصلاة؛ فإنها من الإيمان كما قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة:١٤٣]، يعني: صلاتهم إلى بيت المقدس قبل أن تحول القبلة ما كان الله ليضيع ذلك، فسماها إيماناً؛ لأنها من ثمرة الإيمان، وهذه الصلاة لا شك في أهميتها وعظم شأنها؛ ولأجل ذلك أكد الله ذكرها في القرآن، وأكثر من ذكرها، وورد أيضاً في السنة الاهتمام بها، بل وفي بعض الأحاديث أن تركها كفر، يعني: الإصرار على تركها يعتبر كفراً، وأن تاركها يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وإذا أصر على تركها حتى يقتل قتل مرتداً، يعامل معاملة المرتد؛ وذلك لأنها أعظم شعائر الدين ولا شك أن ما كان بهذه العظمة لا يجوز التهاون به.