قال المصنف رحمه الله تعالى: [والإيمان بالميزان يوم القيامة كما جاء: (يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة) ويوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر، والإيمان به والتصديق به والإعراض عمن رد ذلك وترك مجادلته].
من أصول أهل السنة الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بما أخبر الله به في اليوم الآخر، ومن ذلك أنه أخبر بالميزان، كما قال تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا}[الأنبياء:٤٧].
قيل: إن العبد نفسه يوزن، والدليل قوله تعالى:{فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}[الكهف:١٠٥]، وفي الحديث:(يؤتى بالرجل السمين الأكول الشروب فلا يزن عند الله جناح بعوضة).
وقيل: إن الأعمال تجسد وتوزن، والله قادر على أن يجعلها أجساداً ولو كانت أعراضاً، فتجعل الصلاة جسداً وتوزن، وكذلك الذكر، وكذلك الصوم وما أشبه ذلك، وتوزن -أيضاً- السيئات، فتجعل هذه في كفة وهذه في كفة.
وقيل: إن الذي يوزن هو الصحف التي تكتب فيها الأعمال، والسجلات التي سجلت فيها الأعمال من سيئات وحسنات.
وبكل حال يجب أن يؤمن العباد بذلك كما قال تعالى:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ}[الأعراف:٨ - ٩].
فهذه أدلة واضحة على ثبوت الميزان، ولا عبرة بمن أنكره كالفلاسفة ونحوهم الذين قالوا: إنما يحتاج إلى الميزان البقالون والباعة ونحوهم، ونحن نقول لهم: إن هذا من إظهار العدل من الله تعالى.