للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبدو كذلك للمتأمل في الصحف الشعبية التي تؤثر هذا الاتجاه, نحو أنها تضطر في بعض الأحيان إلى أن تتجاوز هذه الحدود, إلى ما هو أخطر منها بكثير، ويكون من نتيجة ذلك أن تولي هذه الصحف كثيرًا من الأخبار التافهة عنايةً كبيرةً، وبدلًا من أن تبذل جهدها في الحصول على الخبر الهام، ثم التعليق عليه، ثم تفسير كل ما يتصل به، نراها تعمد غير مشكورة إلى تلك الأخبار ذلك الطعوم الحريفة، إثارةً لشهوة القراء، وانحرافًا بهم إلى العناية بهذه التوافه، وما تزال الصحافة الشعبية بقرائها تجذبهم إلى هذه الطعوم، وتعودهم الاكتفاء "بالتوابل" و"المشهيات" من ألوان الأخبار، حتى يعتاد القراء منها ذلك، وينصرفوا انصرافًا تامًّا عن الألوان الصحفية الأخرى.

وقد حدث في مصر أن صحيفةً شعبيةً نشرت أخبار عن الجن والشياطين الذين ظهورا بزعمها في حي شبرا، كما نشرت خبرًا عن شيخٍ أو درويشٍ مر على جسده القطار ولم يمت!!

ومن الحق أن يقال: إن التبعة في هذه الحالة لا تقع فقط على الصحافة، ولكنها تقع في الغالب على حالة القلق التي يعانيها الناس في العصر الحاضر، أو إلى حالة التوتر النفسيّ والإرهاق العصبيّ الذي يصيبهم في حياتهم العامة، أو إلى حالة الجهل التي عليها أكثر طبقات الشعب في وقتنا هذا، أو إلى الفراغ الذي تشعر به الكثرة من الشباب والفتيات والنساء، أو إلى جميع هذه الأسباب.

ومع هذا وذاك, فإن الصحف الشعبية التي تسير في هذا الاتجاه تختلف فيما بينها اختلافًا كبيرًا؛ من حيث تقديرها للأخبار، أو من حيث حاسة الشم التي تميز بها بين مختلف هذه الأخبار، فبعض الصحف الشعبية تميل إلى شيء من الحكمة والرزانة, والشعور بتبعة الصحافة، ومن ثَمَّ تحتاط بعض الشيء في إيراد الأخبار التي تتصف بالدراما أو بالغرابة.

ولكن من الصحف الشعبية في نفس الوقت ما لا تقيم وزنًا ما لهذه

<<  <   >  >>