للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في إيراد الخبر، على حين أن الصحيفة الشعبية لا تهتم بهذا الجوهر، وإنما تكتفي بالطلاء الخارجيّ فقط، وفي هذه الحالة تصل الصحف الشعبية أحيانًا إلى اختراع التفاصيل، والاهتمام الزائد بشتَّى عوامل الإثارة والتشويق.

ومهما يكن من شيءٍ, فعلى هذا النوع المحافظ من الصحف تعتمد الحكومات دائمًا في توضيح سياستها وإقناع الجماهير بها، فجريدة "التيمس" الإنجليزية, تعتمد عليها الحكومة البريطانية في وضع سياستها الداخلية وسياستها الخارجية، وجريدة "الطان" الفرنسية, تعتمد عليها الحكومة الفرنسية في مثل ذلك.

وهذه الصحف المحافظة، وإن كانت قليلة الانتشار، محدودة التوزيع، إلّا أنها ضرورة للشعوب والحكومات معًا، ولا تستطيع حكومة منها أن تجد في نفسها غنًى عن مثلها في وقت من الأوقات١.

ولذلك تتمتع الصحف المحافظة بسعة النفوذ والسلطان، حتى لقد يتجاوز نفوذها الإقليم الذي تطبع فيه إلى بلاد الدنيا كلها، ويصيح لها صوت مسموع في كل بلد منها، ويهتم بها الرجال الرسميون, وغير الرسميين في أنحاء العالم المتمدين.

ولا شك أن هذه الصحف المحافظة إنما تستمد سلطانها ونفوذها من دقتها أولًا، وتوخيها المصلحة العامة ثانيًا، وارتفاع مستوى مادتها, ومستوى قرائها آخر الآمر، وكثيرًا ما يكون قراؤها من أفراد الطبقة الحاكمة، أو من الذين يمثلون الرأي العام المستنير في الشعب.


١ يقال: إن جريدة "التيمس" كما لا يكاد توزيعها يزيد على ٣٥٠ ألف نسخة في انجلترا، في حين أن جريدة "الديلي ميرور" يرتفع توزيعها عادةً إلى خمسة ملايين نسخة في كل يوم، ومع ذلك, فإن "التيمس" تتمتع بميزات كثيرة؛ منها: جلال القدم، والسيطرة التامة على سياسة الحكومة هناك.

<<  <   >  >>