للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمزج هو الطريقة المثلى لمخاطبة العدد الأكبر من جمهور الشعب على اختلاف طبقاته.

كان الصحفيون قديمًا يقولون:

"إن كلبًا عض رجلًا" ليس خبرًا يستحق النشر، ولكن "رجلًا عض كلبًا" هو الخبر الذي يستحق النشر,

فأصبح الصحفيون حديثًا يقولون:

"إن رجلًا عض كلبًا" ليس خبرًا يُنْشَرُ لخلوه من الدلالة والقيمة بالنسبة للقراء الذين لا يهتمون بهذا الخبر إلّا إذا عرفوا: "أن هذا الكلب مسعور، أو أنه أصبح خطرًا يهدد سكان المدينة أجمعين".

وهكذا أصبح جمهور القارئين لا يعبأ بالمبالغات الصحفية التي تظهره بمظهر الأطفال أو المغفلين، بل أصبح هذا الجمهور يسعى وراء الدقة والعناية بالجوهر, وبغير ذلك من الأمور التي تظهر قراء الجريدة بمظهر الكبار الراشدين، ولعل هذا الشعور هو ما أفضى بجريدة فرنسية يقال لها La Press إلى التوقف تمامًا عن الصدور، وذلك في سنة ١٩٢٧, بعد أن بالغت في التغرير بالجمهور، وأمعنت في تزويده بالأخبار الشاذة الغريبة التي خلا أكثرها من الصحة، فاضطر الجمهور إلى مهاجمة هذه الجريدة الكاذبة في دارها، وحكم عليها بالتوقف عن الصدور١.

وحدث مرةً أن نشرت جريدة "كوكب الشرق" في مصر خبرًا عن زيارة الرئيس السابق مصطفى النحاس لبني سويف، وبالغت في وصف الزيارة، وجرت وراء الخيال في هذه المبالغة، ثم ظهر أن النحاس لم يغادر مدينة القاهرة، فسقطت الجريدة من أعين القراء، وعانت كثيرًا من هذه الحالة.


١ من الأخبار التي نشرتها هذه الجريدة خبر عن وصول طيارين مغامرين إلى نيويورك, بعد أن عبرا المحيط الأطلنطي لأول مرة، ثم تبين فيما بعد أن الطائرة سقطت في المحيط!

<<  <   >  >>