للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولن يتيسر للصحافة الحديثة شيء من ذلك حتى تزود "رجل الشارع" بقدر من المعلومات, يفهم به التيارات أو المذاهب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية.

ومعنى ذلك باختصار: أن مهمة الصحافة الحديثة ليست مجرد سرد الأخبار, مهما غلب عليها الطابع الإنسانيّ، ولكن سردها والتعليق عليها، وشرحها "لرجل الشارع" شرحًا يبصره دائمًا بما يجري حوله الآن، وما سيجري حوله في المستقبل.

ومن هنا تتضح ضرورة الهدف الأول من أهداف "قسم التحرير والترجمة والصحافة" وهو الهدف العلميّ, أو الثقافيّ, كما يتضح السبب الذي من أجله ينظر بعناية خاصة إلى موضوع "ثقافة الصحفيّ".

"٦"

وأما المستوى الفنيّ فمبنيٌّ عندنا كذلك على أساس من الفهم الصحيح للصحافة, باعتبارها فنًّا من الفنون الحديثة, وإذا قلنا: "الفن" فنحن نعني الموهبة والاستعداد من جهة، كما نعني التدريس والممارسة من جهة ثانية.

ذلك أن من الناس من هو موهوب بالطبيعة: موهوب في الموسيقي، أو موهوب في الأدب، أو موهوب في الصحافة، وهكذا, وهؤلاء الموهوبون من حقهم على الدولة دائمًا أن تعينهم على الظهور في المجتمع، كأن تيسر لهم سبيل الدخول في المعاهد الخاصة، وتنفق عليهم بسخاء في هذه الناحية، وتمنحهم أعظم الفرص الممكنة لإظهار المواهب التي خصهم الله بها.

والفرق كبير -على أية حالٍ- بين موهوب حُرِمَ حظًّا من التعليم، وآخر نال حظًّا أو حظوظًا من التعليم. وتطبيق ذلك على الصحافة واضح كل الوضوح، فهناك طرق خاصة لتحرير الخبر الداخليّ، وهناك طرق خاصَّة لكتابة العمود أو المقال الصحفيّ، وهناك طرق خاصة لكتابة

<<  <   >  >>