للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ادعاء خدمة مصلحة من مصالح الوطن العليا، أو الكشف عن سر من أسرار مؤامرة كبرى؟ نظن لا!

هل من صالح الجريدة الشعبية, أو من صالح القراء أنفسهم, أن تسعى الصحف في نشر الجريمة، وأن تجعل الغرض من نشرها التشهير بالأسر المعروفة, أو النيل من الشخصيات المرموقة، أو المبالغة في وصف الطرق التي اتبعت في تنفيذ الجريمة؟ نظن لا!

إننا نكتفي بهذين المثالين، ونوضح للقارئ موقف "قسم الصحافة" من كل منهما على حدة، ونربط حكمه هنا بهذا الهدف الثالث من أهدافه، وهو الهدف الخلقيّ.

أما سرقة الخبر: مهما كان الدافع إليها, فإننا نرى أن ذلك إن أصاب الغرض مرةً, فإنه يخطيء هذا الغرض مرات، وإذ ذاك تنحط قيمة المخبر الصحفيّ في نظر المجتمع، وتفقد الصحيفة ثقة الجمهور والحكومة في وقت ما. وفي شتّى الوسائل التي يدرسها الطلبة للوصول إلى الخبر ما يغني عن ارتكاب السرقة, ومن هذه الوسائل -على سبيل المثال- الصداقة التي ينبغي أن ينشئها المخبر دائمًا مع الناس, على اختلاف الدرجات والطبقات, ومنها الإيهام بالعلم، بمعنى: أن المخبر يستطيع بلبقاته أن يوهم مصدر الخبر بأنه على علم به.

وعن طريق الصداقة يستطيع المخبر الناجح أن يدرس نفسية الرجل أو المرأة التي هي مصدر الخبر، وله أن يبني العلاقة بينه وبينهما على المجاملات والهدايا والطرائف، وإشباع الهوايات الخاصة التي يكشف عنها المخبر في الشخصية التي هي "مصدر الخبر".

وهذا وذاك من الأمور الجائزة، بل المستحسنة عند رجال الصحف، ولها جزء من ميزانيتها في أغلب الأحيان, وأما نشر الجريمة على أساسٍ من التشهير والتشنيع والفضيحة والمبالغة, فشيء لا نقره مطلقًا، بل نرى فيه دليلًا على انحطاط مستوى الشعب ومستوى

<<  <   >  >>