للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرؤى والمنامات، واختراع الخرافات، والتحدث على ألسنة الطيور، وطريقة الحوار القصير بين أستاذ وتلميذه, ونحو ذلك.

ثم إن الصحافة الحديثة لم تسلك طريق المقال على شكلٍ من الأشكال فحسب، بل طرقت طريق الفنون الصحفية الأخرى؛ كفن الحديث الصحفيّ، وفن التحقيق الصحفيّ, على لسان شخصيةٍ مبتكرةٍ لا وجود لها في عالم الحقيقة.

وبهذه الطريقة تنكر وضعًا من الأوضاع الغريبة في المجتمع أو في الحكومة، وتستطيع في الوقت نفسه أن تفلت من يد الرقابة.

ولعل من خير الأمثلة على هذه التحقيقات الخيالية, ذلك التحقيق الصحفيّ الذي نشرته "مجلة الإثنين" بعنوان: "كيف يعيش محمد أفندي" والتحقيق الصحفيّ الذي نشرته أيضًا بعنوان: "كيف يعيش الأسطى إبراهيم"

وقد جاء كلا التحقيقين تعبيرًا صادقًا عن شعور الشعب المصريّ بالأزمة الشديدة التي أحس بها في غضون الحرب العالمية الثانية.

ثم إن من الحيل الصحفية التي نراها بين آنٍ وآخر، كتابة الرسائل التي يتجه بها القراء إلى رئيس التحرير، على أن تدور هذه الرسائل حول شخصيات خيالية، أو رحلات وهمية، أو مشاهداتٍ لا نصيب لها من واقع الأمة التي تصدر فيها الصحيفة، وهي طريقة أدبية قديمة, عمد إليها الكتاب الأوروبيون, كما نجد ذلك في الرسائل "الفارسية، لمونتسكيو، والرسائل "الإنجليزية" لفولتير، وغيرها.

وفي هذه الرسائل وأمثالها, يتخيل الكاتب شخصًا غريبًا عن البلاد, جاء لزيارتها، ولفت أنظار أهلها بغرابة ملابسه، وغرابة سلوكه، كما لفت نظره ما وجد منهم من تصرفاتٍ عجيبةٍ، وآراءٍ غريبةٍ، فأخذ ينقد كل وضع يراه، وصورة يقع عليها، وعبَّرَ عن ذلك كله بطريق الرسائل.

ومن هذا القبيل, يمكن أن يعتبر كتاب الدكتور "طه حسين" بعنوان:

<<  <   >  >>