للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إذا لقحت حرب عوان مضرة ... ضروس تهر الناس أنيابها عصل١

تهر: أي تحملهم على أن يكرهوا، يقال: هرّ فلان كذا إذا كرهه، وأهررته أنا: حملته عليه، وهرير الكلب صوت يردده إلى جوفه إذا كره الشيء أو الشتاء لشدّة البرد أو لغيره، وقال أبو سعيد٢: القول تهر ومن قال: تهر الناس أراد أنها أساءت أخلاقهم لشدتها، وتهر كأنها تنبح في وجوههم. وقال أيضاً "من الطويل":

صحا القلب عن سلمى واقصر باطله ... وعرى أفراس الصبا ورواحله٣

وقال أيضاً "من الوافر":

إذا سدت به لهوات ثغر ... يشار إليه جانبه سقيم٤


١ لقحت: حملت، والمراد: اشتدت، وضرب اللقاح مثلًا لشدتها. العوان: الحرب التي قوتل فيها مرة بعد مرة. الضروس: العضوض السيئة الخلق. تهر الناس: قال الأعلم الشنتمري: أي تصيرهم يهرونها أي يكرهونها. العصل: الكالحة المعوجة، وضربها مثلًا لقوة الحرب وقدمها. وقال قدامة: أراد أن هذه الحرب قديمة قد اشتد أمرها كما يكون ناب البعير أعصل إذا طال عمره واشتد "١٠٥ نقد الشعر".
٢ أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي، راوية العرب وأحد علماء اللغة، ولد ومات بالبصرة عام ٢١٦هـ، وكان وثيق الصلة بالرشيد.
٣ المعنى: صحا القلب عن حب سلمى وكف باطله أي صباه ولهوه، وتعرية أفراس الصبا مثل ضربه أي أنه ترك الصبا وركوب الباطل، والتقدير: وعرى أفراس ورواحل كنت أركب بها في الصبا وطلب اللهو.
٤ لهوات الثغر: مداخله جمع لهاة؛ وهي مدخل الطعام في الحلق استعارة لمدخل الثغر. والثغر: الموضع المخوف الذي ينفذ منه الأعداء، ويشار إليه صفة لثغر أي يهتم به ويذكره، وجانبه سقيم: أي جانب الثغر مخوف يخشى القوم أن يؤتوا منه فجعله سقيمًا لذلك، وسداد الثغر: تحصينه ومنع العدو منه، هذا رأي الأعلم الشنتمري، وأرى أن "يشار إليه" جواب الشرط أي يهتف به ويشار إليه، وهو مع ذلك لا يرى ما أتى به من بطولة شيئًا يستحق أن يزهى به، فهو سقيم من الحياء والتواضع.

<<  <   >  >>