للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال النابغة١ "من الطويل":

وصدر أراح الليل عازب همه ... تضاعف فيه الحزن من كل جانب٢

أراد قوله: أراح الليل عازب همه، هذا مستعار من إراحة الراعي الإبل إلى مباءتها: أي موضع تأوي إليه. وقال أيضاً "من الطويل":

على أن حجليها إذا قلت أوسعا ... صموتان من ملء وقلة منطق٣

وقال الأعشى٤ "من الكامل":

إذ لمتى سوداء أتبع ظلها ... غزلاً قعود بطالة أمشى ددا٥

وقال أيضاً "من الطويل":

سما لابن هر في العثار بطعنة ... تفور على سرباله نعراتها٦


١ شاعر ذبيان في الجاهلية، كان من أشراف قومه، وتكسب بالشعر، وقصد به ملوك الحيرة والغساسنة، وهو من الطبقة الأولى من فحول الجاهليين، واشتهر باعتذارياته، وشعره محكم قوي، مات قبل البعثة بقليل.
٢ أراح: رد. والعازب: البعيد الماضي المنصرف.
٣ الحجل: الخلخال. المعنى: خلخالاها لا يتحركان من امتلاء ساقيها فهما في قدميها ضيقان مع سعتهما.
٤ ميمون بن قيس صناجة العرب وأحد رجال الطبقة الأولى من الجاهليين، أستاذ الأخطل وأبي نواس في خمرياته، وكان لشعره دوي بين العرب، قصد الرسول فأغرته قريش بالمال، فعاد إلى بلده ومات في الطريق.
٥ اللمة: الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن. غزل: أي صاحب غزل. القعود: ما يقتعده الراعي في كل حاجة، والمعنى: ملازم بطالة. الدد: اللهو واللعب. المعنى: أنه كان كلفا بالنساء حين كان في نضارة الشباب يسير وفق لذاته ومآربه، صاحب غزل، وخدن لهو ولعب.
٦ المعنى: أن هذا الممدوح سما -أي نهض وعلا- لهذا الرجل الشجاع فطعنه طعنة مميتة تركته تفور وتتدفق على قميصه الدماء المتصببة منها. والنعرة: صوت في الخيشوم جمعها نعرات، ونعر الجرح بالدم إذا فار، ونعر العرق فار منه الدم. العثار: الحرب. السربال: القميص.

<<  <   >  >>