للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأدِّ حقوق قومك واجتنبهم ... ولا يطمح بك العز الفطير١

قال أبو سعيد: أراد عزاً ليس بالمحكم، كما أن الفطير من العجين ليس بمستحكم، والفطير في غير ذا: الجلد الذي لم يدبغ. وقال طفيل٢ "من الكامل":

وجعلت كوري فوق ناجية ... يقتات شحم سنامها الرحل٣

وقال أيضاً "من الطويل":

جذت حول أطناب البيوت وسوفت ... مراداً فإن تقرع عصا الحرب تركب٤

سوفت: شمت. مرادها: الموضع الذي ترود فيه. وقال الحارث بن حلزة٥ "من الكامل":

حتى إذا التفع الظباء بأطراف ... الظلال وقلن في الكنس٦

قال أبو سعيد: التفع من اللفاع وهو اللحاف الذي يلتفع به ثم صار كل ثوب


١ كل شيء أعجلته عن إدراكه فهو فطير. والمعنى: أدِّ لقومك ما لهم عليك من حقوق مع اجتنابهم وعدم انتظار شيء منهم، ثم لا يطمح بك العز الذي لم يستحكم أمره إلى غايات لا يستطيع الوصول بك إليها.
٢ طفيل الغنوي شاعر جاهلي شجاع، وأوصف العرب للخيل، وربما سمي طفيل الخيل لكثرة وصفه لها، عاصر النابغة زهيرًا ومات نحو ١٣ ق هـ.
٣ الكور: الرحل بأداته. الناجية: الناقة الكريمة. يذكر سفره على ناقة كريمة قد أضناها السفر وأذاب شحم سنامها ملازمة الرحل لها في الظعن والارتحال. وفي الأصل: لحم بدل شحم.
٤ جذ: ثبت قائمًا أو قام على أطراف أصابعه. التسويف: الشم. المراد: الموضع الذي يراد فيه أي يجاء ويذهب. وقرع عصا الحرب كناية عن الدعوة إليها. يصف فرسه بأنها واقفة حول أطناب الخيام، فإذا دعا داعي الوغى امتطيت وسير عليها إلى الميدان، والمراد: الافتخار بالبطولة والاستعداد الدائم للحرب.
٥ أحد أصحاب المعلقات، ويعد في الطبقة الثالثة من الجاهليين، مات سنة ٥ ق هـ.
٦ الظلال: ما يظلل الإنسان من شجر ونحوه، القائلة: الظهيرة أو النوم فيها وقال فهو قائل. الكنس: جمع كناس وهو موضع الظبي في الشجر يكتن فيه ويستتر.

<<  <   >  >>