للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن شدة الحجاب تنغل١ أديم المودة. ودخل أبو سعيد٢ المخزومي على إسحاق بن ابراهيم المصعبي٣ فأنشده قصيدة، وكان حسن الإنشاد، ثم دخل بعده الطائي٤ فأنشده، وكان رديء الإنشاد، فقال المصعبي للطائي: لو رأيت المخزومي أنشدنا آنفاً!! فقال الطائي: أيها الأمير، نشيد المخزومي يطرق٥ بين يدي نشيدي. وحدثني أبو عبد الله٦ قال: قال الحسن٧ بن سهل: خرير الماء لحن العمارة٨. ولأعرابي في البرق "من الطويل":

إذا شيم أنف الليل أومض وسطه ... سناً كابتسام العامرية٩ شاعف

وقال أبو نواس "من الكامل":


١ أنغل الأديم: أفسده في الدباغ.
٢ شاعر عباسي مقل مجيد، هجا دعبلًا ومدح المأمون وكان يعاصر أبا تمام "٢٦٠ معجم الشعراء" وقد حرف في المعجم إلى أبي سعد، ونعته الجاحظ في البيان بأنه دعي بني مخزوم "١٤٣/ ٣".
٣ من بني مخزوم صاحب شرطة بغداد أيام المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل، مات عام ٢٣٥.
٤ هو أبو تمام الشاعر م١٢٣هـ.
٥ طرقت القطاة: حان خروج بيضها، وطرق فلان بحقي: جحده ثم أقرَّ به، وطرق الإبل: حبسها عن الكلأ، وطرق لها: جعل لها طريقًا.
٦ هو محمد بن داود الجراح الكاتب العالم، عمه علي بن عيسى الوزير، وكان صديق ابن المعتز، وكان له رغبة في أن يلي ابن المعتز الخلافة، وولى له الوزارة لما تقلدها، ولما فشلت حركة ابن المعتز قبض عليهما ولقيا حتفهما عام ٢٩٦هـ، وله كتاب في الشعر والشعراء، وله ترجمة في تاريخ بغداد "٢٥٥/ ٥"، وكان ميلاده سنة ٢٤٣هـ.
٧ وزير المأمون وصهره "أبو زوجه بوران"، توفي عام ٢٣٦هـ، ولبثت بوران بعد المأمون مدة طويلة وتوفيت عام ٢٧١هـ، وقد روى صاحب العقد قصة زواج المأمون بها، وهي أسطورة أدبية رائعة.
٨ يريد أن الماء بشير بالخصب والعمران والرخاء.
٩ شام البرق: نظر إلى سحابته أين تمطر. أنف الليل: أوله. وسط: ظرف. السنا: الضوء. والعامرية: محبوبته. شعفه الحب: أحرق قلبه أو أمرضه.

<<  <   >  >>