للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنه لما خلق العالم فإما أن يكون خلقه في ذاته أو خارجا عن ذاته والأول باطل، أما أوّلاً فبالاتفاق، وأما ثانيا فلأنه يلزم أن يكون محلا للخسائس والقاذورات، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. والثاني: يقتضي كون العالم واقعا خارج ذاته، فيكون منفصلا، فتعينت المباينة لأن القول بأنه غير متصل بالعالم وغير منفصل عنه غير معقول.

الثالث: أن كونه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه يقتضي نفي وجوده بالكلية لأنه غير معقول فيكون موجوداً إما داخله وإما خارجه والأول باطل فتعين الثاني فلزمت المباينة.

وعلوه ثابت أيضا بالفطرة فإن الخلق جميعا بطباعهم وقلوبهم السليمة يرفعون أيديهم عند الدعاء ويقصدون جهة العلو بقلوبهم عند التضرع إلى الله تعالى وذكر محمد بن طاهر المقدسي أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر مجلس الأستاذ أبي المعالي الجويني المعروف بإمام الحرمين وهويتكلم في نفي صفة العلو ويقول: كان الله ولا عرش وهو الآن على ما كان! فقال الشيخ أبو جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا؟ فإنه ما قال عارف قط: ياالله إلا وجد في قلبه ضرورة تطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا؟ قال فلطم أبو المعالي على رأسه ونزل! وأظنه قال وبكى وقال: حيّرني الهمداني حيّرني

<<  <  ج: ص:  >  >>