للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتركه سدى؟ فلا يليق ذلك بحكمته ولا تعجز عنه قدرته. ثم قال رحمه الله: فانظر إلى هذا الاحتجاج العجيب بالقول الوجيز الذي لا يكون أوجز منه والبيان الجليل الذي لا يتوهم أوضح منه ومأخذه القريب الذي لا تقع الظنون على أقرب منه١.

وبعد قيام الناس من قبورهم ووقوفهم في ساحة القيامة، يشتد الأمر ويعظم الخطب، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ويفر المرء من أخيه، وأمه، وأبيه، وصاحبته، وبنيه، لأن كُلاً منهم يومئذ شأن يغنيه، وهذا الموقف الرهيب مما يستدعي الخوف والبكاء، فلذا لما تصوره عمر ابن عبد العزيز وذلك بقراءته سورة التكوير، بكى، وأبكى، فالسورة تصور مشهدا من مشاهد القيامة العصيبة، كما أن لهذا اليوم مشاهد أخرى، منها ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرةرضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم" ٢، فإذا اشتد الأمر بالناس في الموقف فزعوا إلى الأنبياء ليزيحوا عنهم الكرب ويدفعوا عنهم الغم، فكل نبي من


١ انظر شرح العقيدة الطحاوية ٢/٥٩٦- ٥٩٧. يشير رحمه الله إلى الآية {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا ... }
٢ البخاري مع الفتح ١١/٣٩٢، برقم (٦٥٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>