للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أولت المعتزلة الأدلة الصحيحة السابقة وأنكروا وجود الحوض، وكذلك الخوارج. قال ابن حجر وأنكرت طائفة من المبتدعة الحوض، وأحالوه على ظاهره، وغلوا في تأويله من غير استحالة عقلية ولا عادية تلزم من حمله على ظاهره وحقيقته، ولا حاجة تدعو إلى تأويله فخرقوا إجماع السلف وفارقوا مذهب الخلف١.

وقد كان السلف يقولون عن منكري الحوض عبارتهم المشهورة: "من كذب به فلا سقاه الله منه"، ولا شك أن حرص عمر رحمه الله تعالى في سماع الحديث من أبي سلام دليل على شدة حبه للعقيدة الصحيحة والتأكد من رواتها، ومشافهتهم حتى يطمئن قلبه رحمه الله، كما أنه يمكن أن يستدل بعمل عمر هذا على الرد على من ينكر الحوض، حيث شافه من سمع الحديث من ثوبان رضي الله عنه مع شهرة أحاديث الحوض بين الصحابة.

وقد تقدم أن أحاديث الحوض بلغت حد التواتر، وقد وقع الخلاف بين العلماء في تحديد مسافة الحوض، وهو ناشئ عن اختلاف الروايات في تحديده، فقد ورد أن طوله وعرضه مسيرة شهر، وأنه كما بين عدن وعمان، وما بين صنعاء والمدينة، وما بين المدينة وعمان، وما بين أيلة ومكة، وما بين المدينة وبيت المقدس، وغير ذلك. قال بعض العلماء وهذا الاختلاف والاضطراب لا يوجب الضعف، لأنه من اختلاف التقدير


١ انظر البخاري مع الفتح ١١/٤٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>