يتبين من الآثار السابقة عن عمر أن منهج أهل الحق في مرتكب الكبيرة وسط لا إفراط فيه ولا تفريط فلا يسلبون الفاسق الملي أصل الإيمان ولا يطلقون عليه أنه مؤمن كامل الإيمان، وإنما سيماهم التوسط وهو اتباع الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح فيطلقون عليه اسم المؤمن بإيمانه الفاسق بكبيرته وقد اختلف السلف في حد الكبيرة.
ومن أجمع التعاريف لها "أنها كل معصية فيها حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة أو ورد فيها وعيد بنفي إيمان أو لعن ونحوهما"١.
وموقف عمر بن عبد العزيز رحمه الله من مرتكب الكبيرة خلال هذه الآثار المتقدمة هو موقف أهل السنة والجماعة حيث اتسم رحمه الله بالحرص على تطبيق النصوص الشرعية فحين كتب إليه عامله في شأن الساحرة والسحر كبيرة من الكبائر لم يأمر بقتلها لأنها ارتكبت هذه الموبقة وإنما أمر عامله أن يتأكد من سحرها، فإذا ثبت أنها ساحرة فما عليه إلا أن يقتلها.
وأما إذا كان سحرها مما لا يوجب القتل فعليه أن يتركها وأن يستعمل معها الوسائل المشروعة لا أن يلقيها في الماء لأن هذا لم يأمر الله
١ انظر الفتاوى ١١/٦٥٠، ولوامع الأنوار البهية ١/٣٦٥.