حظي عمر بن عبد العزيز رحمه الله ببيان جملة من هذه العلامات، وهو من توفيق الله له فمن علامات أهل البدع التي أثرت عن عمر رحمه الله أنهم يحبون السرية بتعاليمهم والتخفي بها عن العامة، خوفا أن تنكشف تلك الأسرار، ولا يريدون إظهارها إلا في الوقت الذي يشاءون، إذ إنهم لو كانوا يعتقدون أنهم على صواب، لما تستروا عليها، وهذا طريق إلى التفريق بين كلمة المسلمين الذي هو إحدى سمات أهل البدع -وقد حذر عمر من هذا المسلك فقال: "إذا رأيت القوم يتناجون في دينهم بشيء دون العامة، فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة، قال أحد العلماء المعاصرين: وكل أمر في الدين يسر به أصحابه من دون بقية المؤمنين، وبمعزل عن أهل العلم، والفقه في الدين فإنه ينتهي بأصحابه إلى الأهواء، من حيث لا يشعرون، والتاريخ شاهد بذلك. فإن البدع إنما ابتدأت همسا، وأحيانا بقصد الغيرة على الدين والنصح للإسلام ثم يؤول إلى العزلة عن الجماعة وتنافر القلوب، وغرس الغل على المخالفين، وهكذا يحدث الافتراق. كما يحصل في عصرنا هذا لدى بعض المنتسبين إلى الحركات الإسلامية المعاصرة هداهم الله وبصرنا وإياهم الحق١. ومن المعلوم أن الخروج عن الجماعة واستحداث الفرقة سمة من سمات أهل البدع. وقد حذرنا الله
١ الأهواء والفرق والبدع عبر تاريخ الإسلام ص١٦٨-١٦٩، تأليف الدكتور ناصر عبد الكريم العقل ط. دار الرياض طبعة الثانية عام ١٤١٧هـ.