للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف جعل السنة بما يحصل نسيانا وهو أندر شيء يكون وأما المندوب فلا شك في عمومه لجميع ما ذكر والأصل المندوب إليه ولكنه حذف إليه وتوسع فيه فقبل المندوب وفي السنة اصطلاح وهو ما علم وجوبه أو ندبيته بيته بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.

"والحرام ما يذم شرعا فاعله" فبقوله يذم فاعله خرجت الأربعة وكان ينبغي للمصنف على طريقته أن يقول قصدا لأن وطء الشبهة يصفه بعض الفقهاء بالتحريم ولا يذم عليه الصواب حذفها من الموضعين وأما قوله في الواجب مطلقا فلإدخال الواجب المخير والموسع وفرض الكفاية وليس ذلك في الحرام إلا أن الآمدي١ نقل خلافا في الحرام المخير فأصحابنا أثبتوه في نكاح الأختين والمعتزلة نفوه وكان الباجي يقول الحق نفيه لأن المحرم الجمع بينهما كما نطق به القرآن لا إحداهما ولا كل واحدة منهما بخلاف الواجب المخير فإن الواجب إما أحدهما وإما كل منهما على التخيير فلذلك الذي قال على بعض الوجوه في الواجب لم يذكرها في الحرام ولم يحتج المصنف إلى زيادة قيد آخر وأنا أقول في الأختين كذلك إن الحرام الجمع فقط وأثبت الحرام المخير كما أثبته القاضي أبو بكر وغيره من الأشعرية وأمثله بما إذا أعتق إحدى أمتيه فإنه يجوز له وطء إحداهما ويكون الوطء تعيينا للعتق في الأخرى وكذا إذا طلق إحدى امرأتيه وقلنا الوطء تعيين على أحد القولين ففي هذين المثالين الحرام واحدة لا بعينها.


= ينسيه الله عز وجل في بعض الأمور لحكم كثيرة لأجل تعليم الأمة وتشريع الأحكام المترتبة عليها، وأن الحديث الذي رواه الغزالي ليس المراد منه نفي حكم النسيان بالجملة، وإنما فيه نفي لفظه وكراهة لقبه، كقوله صلى الله عليه وسلم: "بئس ما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كذا، ولكنه نسى" أو نفي الغفلة وقلة الاهتمام ويؤيد ذلك قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى. إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} الأعلى: ٦-٧ هـ هـ. محققة.
١ هو: أبو الحسن، علي بن أبي علي محمد بن سالم التغلبي الأمدي، أحد العلماء المبرزين في العلوم النقلية والعقلية، من مؤلفاته في الأصول كتاب "الإحكام في أصول الأحكام" والذي لا يستغني عنه أي باحث.
توفي رحمه الله تعالى سنة ٦٣١هـ. الأعلام للزركلي ٢/٦٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>