للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ، قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} ١.

هنا نرى القرآن الكريم يحاكم المعاندين إلى فطرتهم التي تعرف حقيقة الألوهية وتلجأ إليها في ساعة الشدة والحرج والضيق ويرسم لهم في مشهد قصير سريع مشاعرهم أمام رؤية الهول والكرب الذي ترتعد له الفرائض فلا يتوجهون ساعتها إلى صنم ولا إلى كوكب ولا ملك وإنما يتوجهون إلى الله الذي تعرفه فطرتهم إلها خالقا بيده الأمر وإليه المصير وهو على كل شيء قدير.

إن تصور الخطر وتذكر الهول يردان النفوس الجامحة ويرققان القلوب الفظة ويذكر أن النفس عند لحظة الضعف بالإنابة إلى الله واللجوء إلى سلطانه.

وهي تجربة يعرفها كل من وقع في ضيق ومرات ضيق الإنسان كثيرة ومتعددة في ظلمات البر والبحر، وعندها تتعرى للإنسان حقيقة آلهته التي يعبدها من دون الله ويجدها خلوا من كل حول ولا يرى لنفسه نجاة إلا بالتضرع إلى الله دون شريك معه ولكنهم بعد هذا يشركون٢.


١ الآيات من رقم٦٣-٦٥ من سورة الأنعام.
٢ في ظلال القرآن ج٧ ص٢٦٦.

<<  <   >  >>